أقرأ باهتمام شديد جميع التعليقات التي يتفضل بها أصدقائي على «الفيسبوك» وأتوقف طويلا عند بعضها، على أمل أن أجد بين الأفكار ما قد يتفق أو يختلف مع آرائي التي أعبر عنها في مقالي الأسبوعي في جريدة الغد الغراء، صحيح أنني لا أرد عليها سلبا أو إيجابا، مثلما يقول الصديق « الدكتور فيصل المجالي « لكنني أسجل بعض الملاحظات التي قد تفيدني في مقال لاحق، ولا أقصد من ذلك أن القول ما قلته لا سمح الله!
في مقالي السابق بعنوان « انتهى النقاش « قلت إننا تجاوزنا الحديث عن ماضي الأحزاب والحياة السياسية في بلدنا، ودخلنا مرحلة الحديث عن المستقبل بعد أن أصبح قانون الأحزاب ، وقانون الانتخاب الجديدين، أمرا واقعا سيتم على أساسهما الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة ، حيث خصص للأحزاب 41 مقعدا، وجاءت معظم التعليقات لتتحدث عن المستقبل بالفعل، ولكل وجهة نظره التي أحترمها، حتى تلك التي تصادر المستقبل سلفا وترى أن شيئا لن يتغير عندما سيصدم الجميع بالواقع الاقتصادي السائد، وعجز الموازنة، وغير ذلك كثير من التشاؤم من قدرة الأحزاب على تقديم برامج إصلاحية وتنموية تجذب الشباب الذي يشعر أصلا بالإحباط والفشل.
كذلك يعبر الصديق « محمد الكباريتي « عن وجهة نظره القائلة بأنه لا بد من بث روح الثقة بالأحزاب السياسية قبل الولوج إلى العمل السياسي، ولا خلاف على ذلك لكن كيف تتشكل تلك الثقة من دون أن تعمل الأحزاب على الأرض، وقد هيأت كوادرها لأخذ المسؤولية الوطنية على أساس برامج النهوض الشامل، وتلك عملية تراكمية ومتصاعدة، تحتاج إلى بضع سنوات حتى تبلغ ذروة ما نتطلع إليه جميعا من مشاركة حقيقية في صنع القرار، ومن ديمقراطية تناسب مجتمعنا، وتلامس طموحاته المشروعة في حياة فضلى.
وجهات النظر حين تعرض من منطلقات المصلحة الوطنية العليا للدولة والشعب تصبح هي التعبير الأمثل عن مواقف الجميع، عندما يكون هدفها إيجاد ثقافة سياسية ولغة راقية تليق بوطن هو في صميم التاريخ قديمه وحديثه، وفي صميم المعادلات والتوازنات المعاصرة، وهي الأكثر تعقيدا من أي مكان آخر في هذا العالم، يواجه ويصمد ويواصل مسيرته بعزيمة وأمل، وإلا كيف لنا أن نرسخ أقدامنا ونحن نقارع المخاطر والتحديات التي تحيط بنا من كل جانب إن تخلينا عن ايماننا بقوته وقدرته، وثقتنا بأنفسنا، وبقدرتنا على التقدم إلى الأمام لصنع مستقبل أجيالنا ؟!
نحن نتبادل وجهات النظر، لكن الوطن ليس وجهة نظر إنه الأرض الطيبة التي نقيم ونعيش فيها، والحاضر الذي نسعى إلى تحديثه وتطويره، والمستقبل الذي نستحقه، ويستحقه أبناؤنا من بعدنا، ولا يمكن أن نلخصه في أشخاص يديرون شؤونه العامة، منهم من يخلص في قوله وعمله، ومنهم أدنى من ذلك، وتلك مسألة لا تعدو عن كونها عملية إدارية قد تنجح وقد تفشل، لكن حيوية الدولة وشعبها هي التي تضع الحدود ما بين الصواب والخطأ، وأكبر دليل على ذلك هو أن بلدنا يشهد من وقت لآخر محطات من أجل التغيير والتحديث والتطوير.
ذلك ما نشهده اليوم من محطة جديدة نختم بها مائة عام من عمر الدولة، ونؤسس لمئوية ثانية، وكلنا أمل أن نتجاوز معها ما نقدر عليه من صعاب وعقبات، ونفتح الطريق نحو مستقبل أفضل حالا، وأكثر إنجازا، وفي الحد الأدنى يمكننا أن نتذكر بيت الشعر الشهير « أعلل النفس بالآمال أرقبها – ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» قد يستحق أن يكون حكمة، ولا بأس أن يكون مجرد وجهة نظر!
الغد