استطلاع الرأي وغياب المعلومة
عمر عليمات
22-08-2022 12:05 AM
في استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حول «القضايا الوطنية والإقليمية» وبعيداً عن مدى السلبية أو الإيجابية في وجهة نظر المستطلعين هناك أرقام يجب أن تقرأ جيداً، وهي تلك المتعلقة بقدرة الحكومة على التواصل مع الناس وتوضيح مواقفها ومشاريعها وبرامجها السياسية والاقتصادية.
في نتائج الاستطلاع ثلاثة أرقام رئيسية تبرز تماماً أن عملية التواصل بين الرسمي والشعبي شبه غائبة، إذ أظهرت الأرقام أن (87%) من الاردنيين لا يعرفون عن قانون الاحزاب الجديد، و(81%) لا يعرفون عن خارطة تحديث القطاع العام، كما أن الغالبية لا يعتقدون أن السياسات والإجراءات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة نجحت في الحد من ارتفاع الأسعار وتقليل نسب البطالة والفقر.
الدولة الأردنية بكافة قطاعاتها ترى أن أهم مشروعين يتم العمل عليهما حالياً هما تحديث المنظومة السياسية وتحديث القطاع العام، ورغم هذه الأهمية إلا أن المواطن لا يعرف عنهما شيئاً، رغم أن هذه المشاريع تحتاج من حيث المبدأ إلى زخم القبول الشعبي لإسنادها وتحقيق أهدافها، وعلى الصعيد الاقتصادي فعندما لا تعرف الغالبية العظمى عن جهود الحكومة لتقليل آثار ارتفاع الأسعار أو خطط تقليل البطالة والفقر فمن الطبيعي أن ترى هذه الغالبية أن الأوضاع الاقتصادية في الأردن تسير في الاتجاه السلبي.
عدم معرفة الناس بأهم المشاريع التي تتعلق بمستقبل الدولة يشير إلى أمرين رئيسيين فإما أن الخطاب الرسمي ليس لديه القدرة على مواكبة التغيرات في أساليب مخاطبة الرأي العام، وما زال يعتمد على آليات اندثرت منذ عقود وإما أن الناس لم تعُد معنية بكل ما تقدمة الحكومات ولا ترى فيه أكثر من تصريحات ليس لها أي انعكاس على واقعها وخاصة المعيشي، وفي الحالتين تكمُن المشكلة بالقدرة على التواصل والإقناع.
الكثيرون تحدثوا عن غياب الثقة والفجوة الكبيرة بين الحكومات والشارع، وهذا الأمر ليس وليد اليوم ولا يتعلق بالحكومة الحالية فقط بل أصبح شبه دائم منذ سنوات، ورغم كل الحديث عن ضرورة بناء الثقة وتفعيل قنوات التواصل إلا أن الحال على ما هو عليه، وكأن الحكومات غير معنية بالرأي العام أو بشعبيتها في الشارع، رغم أن حالة السلبية التي تطغى على المشهد العام تعود في جزء كبير منها إلى عدم المعرفة وغياب المعلومة وعدم القدرة على توضيح وجهة النظر الحكومية والمشاريع والمبادرات التي تعمل عليها، وهذا ما يترك المواطن أمام رؤية أخرى قادرة على النفاذ إلى الناس بطرق سهلة وتفاعلية وبدون أي كلفة مادية تذكر.
بالمحصلة فإن التمسك بخطاب إعلامي وأدوات تواصل أثبتت كل التجارب أنها بعيدة عن الناس وعفا عليها الزمان لن يفضي إلا إلى مزيد من حالة الإحباط الاجتماعي، وتعزيز صورة سلبية قد تكون بعيدة تماماً عن الواقع، والتجارب تؤكد أن المساحات الخالية لن تبقى كذلك فدائماً هناك مَن هو مستعد لملء هذا الفراغ بما يخدم أجندته وأهدافه، عندها لا تلوموا الناس على قناعاتهم وآرائهم التي تكونت نتيجة رؤية واحدة تمكنت من النفاذ إلى وعي الرأي العام وأدواتها لا تزيد عن هاتف ذكي، فيما البعض مشغول باستراتيجيات ورقية.
الدستور