لماذا تأخر إعادة بناء منبر المسجد الاقصى 37 عاما؟
د.بكر خازر المجالي
20-08-2022 12:05 PM
أسئلة برسم الحق والتاريخ
جريمة احراق منبر المسجد الاقصى كانت في يوم 21 آب 1969، وانتفض العالم العربي والاسلامي لمواجهة هذه الجريمة، لكنها انتفاضة دون التوقعات، وفي 25 أيلول 1969، بعد شهر على جريمة الحريق اجتمعت ثلاثون دولة عربية واسلامية في الرباط لبحث تداعيات الحريق، وأسفر المؤتمر عن تأسيس منظمة العالم الاسلامي، وانتخاب ملك المغرب رئيسا للجنة القدس، والايعاز لدولة عربية "ليست الاردن" للبدء في اعادة المنبر، وبقي الامر معلقا لحوالي اربع سنوات دون أي إجراء عملي الى ان جاء أمر رئيس تلك الدولة للجنة الداخلية المكلفة بوضع التصاميم وتنفيذ عملية البناء، جاءها أمر الرئيس لأن تتوقف حالا عن العمل بهذا المشروع وأن التفكير بإعادة بناء المنبر لن يكون قبل تحرير المسجد الاقصى..!
تحدثت مع المرحوم المهندس رائف نجم في مكتبه في العبدلي مقابل وزارة الصناعة والتجارة بصفته نائب رئيس لجنة اعمار القدس والمقدسات المشكلة هنا في الاردن، وقال لي بعد توقف أعمال بناء المنبر بأمر رئيس تلك الدولة، أخذت أنا شخصيا مخططات المنبر وذهبت الى رئيس جمهورية مصر المرحوم حسني مبارك وعرضت عليه المشروع وأبدى كامل الاستعداد، واستمر الامر لحوالي ثلاث سنوات دون اي خطوة كانت لأجل الشروع في عمارة المنبر..
ما الذي جرى بعد ذلك؟
حدثني المرحوم معالي الدكتور عبدالسلام العبادي وزير الاوقاف الاردني الاسبق، قال لي كنت وزيرا للأوقاف في حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي، واكتشفنا أن مجموعة من شخصيات اردنية ومعهم من غير الاردن ينوون الذهاب الى دولة عربية اخرى ليعرضوا المشروع وطلب الدعم وأن يكون مشروع إعادة المنبر باسمها ولها تمهيدا لخطوات أخرى لسحب علاقة الاردن في المقدسات، فأخبرت رئيس الوزراء وذهبنا فورا الى جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وليصدر أمرا لرئيس الوزراء بتوجيه رسالة فورية للمباشرة بإعادة بناء المنبر بتاريخ 28 آب 1993 والتي جاء فيها:
"لقد صممنا وآلينا على أنفسنا أن نحافظ على المقدسات والتراث الخالد الذي منه منبر صلاح الدين الأيوبي ذلك المنبر الذي لم يعمل في الإسلام مثله، ولا بد من إعادة صنعه على صورته الحقيقية المتميزة ببالغ الحسن والدقة والإتقان ليعود إلى سابق عهده في أداء دوره التاريخي في هداية المؤمنين وتوعيتهم وحفزهم على التعاون والتضامن"
ابتدأ مشروع إعادة اعمار المنبر بتوقيع اتفاقية بين جامعة البلقاء التطبيقية ليكون قسم العمارة والفنون الاسلامية في كلية الهندسة مقرا للعمل الهندسي، هذا القسم الذي تحول الى كلية ثم ليصبح نواة جامعة العلوم الاسلامية الحالية. ولكن يبقى الاصل بأن مدينة السلط هي التي تم بناء المنبر فيها ومنها كانت الرحلة الثانية للمنبر في تاريخه من السلط الى القدس عبر وادي شعيب وجسر الملك الحسين.
وتبقى الاسئلة تفرض نفسها،
لماذا لا تشير منظمة العالم الاسلامي الى دور الاردن وقيادته الهاشمية في بناء المنبر وخدمة المقدسات؟
لماذا استثنت منظمة العمل الاسلامي الاردن من لجنة القدس وحدوده أقل من 50 كلم بعدا عن الاقصى لتعطى الرئاسة لمن هو على مسافة خمسة الاف كيلو متر؟
لا يدرك هؤلاء أو يتجاهلوا قصدا حجم التضحيات الاردنية من اجل القدس وفلسطين عدا عن الرابطة الروحية وصلات الدم والمشاعر بين ضفتي الاردن"
أسئلة عديدة يدركها الاردن، ولكن لا يتنازل عن حقيقة دوره العروبي المخلص وخدمته النقية لفلسطين وكل المقدسات الاسلامية.
وتبقى قصة تاريخ المنبر، وقصة جريمة الاحراق ذات البعد التاريخي الديني المرتبط بقصة عودة المسيح عليه السلام وقصة معركة مجدو،
ولكن ما علينا أن نتعلم ونعرف في مناهجنا ومنتدياتنا؟.
هل تبقى ذكرى حريق المنبر وقد مضى ثلاثة وخمسون عاما مجرد ذكرى ندين بها العدو والمجرم؟
ماذا نفعل من تعريف ثقافي وتاريخي وديني وتوعوي من أجل جيلنا الذين نقول عنهم بأنهم قادة المستقبل؟؟