واقع التغيرات المناخية والاتفاقيات الدولية والحرب الروسية الأوكرانية
د. قاسم يحيى الطراونة
20-08-2022 12:57 AM
يتعرض مناخ كوكب الأرض الى تهديد مباشر من الانسان، حيث يتمادى في الاستمرار في اطلاق الغازات الدفيئة التي تعمل على زيادة الحرارة على الارض.
بدأ العلماء الآن في أمريكا والغرب يستشعرون خطر ارتفاع حرارة كوكب الأرض، حيث كان العلماء يتوقعون أن لا تزيد فروق درجات الحرارة على كوكب الارض عن 1.5 درجة مئوية في عام 2050م عما كانت علية قبل الثورة الصناعية. لكن كانت الصدمة الكبيرة اننا ما زلنا في بدايات القرن وبدأت درجات الحرارة في الارتفاع لتصل الى 1.1 درجة مئوية. هذا الحدث أرعب العلماء ودعوا إلى مؤتمر جلاسكو في المملكة المتحدة للوصول إلى اتفاق يقضي بالتوقف عن إنبعاث الغازات الدفيئة وخاصة ثاني اكيد الكربون بحيث تكون الانبعاثات (صفر) عام 2050 م .
لو تتبعنا تركيز ثاني اكسيد الكربون الذي اصبح يشكل خطرا على المناخ لوجدناه عام 1960 حوالي 318 PPM (جزء كربون لكل مليون جزء هواء) ليرتفع عام 1990 الى 350 PPM الى ان وصل عام 2020 الى 420 PPM. لقد حدد الاتحاد الاوروبي ان درجة الحرارة يجب أن لا تتجاوز 2 درجة مئوية كفرق عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية وهذا يتطلب أن لا تتجاوز الانبعاثات عن 350 جز في المليون، وهذا يتطلب أنه لا يمكن إضافة المزيد من ثاني اوكسيد الكربون.
لقد تجاوزت الآن كميات الانبعاث 400 جزء في المليون وهذا يتطلب التقيد بالاتفاقيات التي تم التوقيع عليها. ولكن أين يكمن الخطر؟ تشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن للمناخ حساسية ومقدار من التحمل يبلغ من 1.5 الى 4.5 درجة مئوية بعدها يصبح الكوكب في خطر.
ومن تقديرات اللجنة الدولية لدراسة المناخ أنه بعد تجاوز عتبة 4.5 درجة مئوية نصل إلى نقطة اللاعودة بعدها تستحيل الحياة على الارض، ويصبح بعدها اصلاح ما سيحصل مستحيل وهذه النقطة تسمى نقطة اللاعودة (Tipping point). لقد كان تركيز ثاني اكسيد الكربون 280 جزء في المليون قبل الثورة الصناعية والان اصبح يفوق 400 جزء في المليون أي بزيادة مقدارها 120 جزء في المليون فماذا لو تضاعف ليصبح ضعف ما كان علية قبل الثورة الصناعية بحيث يصبح 560 جزء في المليون. يبدو أن العالم يختبر حساسية وتحمل المناخ ولا نعلم على ماذا يراهن العالم .
أما الحرب الروسية الأوكرانية فهي تزيد من تعقيد المشهد، حيث قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا. اذا علمنا ان 40% من استهلاك الغاز في أوروبا يعتمد على الغاز الروسي، وهنا بدأت أوروبا باستخدام النفط وحتى الفحم الحجري في مصانعها للحفاظ على اقتصادها. وبهذا تنصلت أوروبا من كل اتفاقيات المناخ ضاربة عرض الحائط قضية الاحتباس الحراري والخطر الذي يتهدد الأرض.
لقد أصبح واضحا أن قضية التغير المناخي ليست قضية بيئية فحسب فهي قضية مرتبطة بالسياسة والاقتصاد والامن الغذائي والصحة. هناك قوى شد عكسي من شركات البترول في العالم والتي تقف ضد أي حلول للتغير المناخي ولكن يبقى السؤال المحير إلى أين يتجه العالم بالنسبة لقضية التغير المناخي ومتى يبقى الغلاف الجوي صابرا ومتحملا هذه الانبعاثات الضخمة من ثاني اكسيد الكربون.
هذه القضية هي أشبه ما تكون بدب نائم ويأتي احدهم لينكشه بحديدة مدببة..سيهيج هذا الدب لحظة ما وعندها يحصل ما لا تحمد عقباه لا سمح الله.