هو "الأمن العام" الإدارة، وهو الأمن العام بمعنى عموم الأمن للذين يعيشون في الأردن. تتداخل مهمات الأمن العام بعموم مستويات الأمن بشكلٍ متعاظمٍ ومشكورٍ فحملات القضاء على تجارة وتداول وتصنيع المخدرات وحملات القضاء على سرقة الماء تتم بريادة ومواكبة الأمن العام. نفهم أن يتم هذا فيما يخص المخدرات و البلطجية و ما شابه من مجرمين لكننا نستغرب عندما يواكب الأمن العام فنيين وعمال المياه أو الكهرباء في مهمتهم تجويد و تأمين التوزيع العادل للماء و الكهرباء دون سرقات. الاستغراب مصدره حُسنُ الظن و خيبة الواقع عندما تظن خيراً بالناس فتكتشف مدى خطأك. القاعدة أن الناس في هذا البلد خَيِّرون و أهل شهامة، فما بال بعضهم ينزع للسرقة من أهم مكونات الحياة؟ بالطبع لسنا ملائكة و الجرائم حقيقةُ حياة لكن فداحةَ انتشار سرقات المياه والكهرباء التي تستدعي تواجد الأمن العام لردعها فيها الكثير مما يقال عن تدهور نظرة المواطن لحماية الحقوق العامة.
الحق العام هو حق الاستمتاع و التنعم و الاستفادة في حدود القانون من جميع الساكنين في البلد بما تتميز به بيئتهم و بما تعطيه و من دون إساءةٍ لهذه البيئة تجعل التمتع بها إساءةً لها أو احتكاراً للبعض على حساب الكل. خذ مثلاً نزهات الغابات التي تنشر الحرائق و الأوساخ. و سرقة الماء و الكهرباء. وكذلك تلويث الهواء و رمي النفايات عشوائياً وقطع الطريق العام بالمواكب و المبتهجين، و الإتيان بكل فعل يأخذ من حق الآخر.
و لذلك "الأمن العام" الذي يحرص على الحق العام و لو تمعنت لوجدت أن مفاصل الحياة تسير بسلاسةٍ بفضل دور "الأمن العام" بكل فروعه و مهامه. لكن المحافظة على الأمن و الحق العام تتطلب أكثر من إدارةٍ و جنود فهي تتطلب تحولاً في طريقة تفكير و تصرف أغلبية المواطنين و المقيمين تضمن فهمهم للحق العام و المحافظة عليه من تلقاء أنفسهم فِطرياً. و ليس هذا بالأمر السهل و لا بالمتوقع لكن العشم أن التربية و التثقيف و العقاب قد يفعلوا فعلهم فيختار الناس احترام الحق العام أكثر. و ليس سهلاً و لا من غير أثمان عالية مواكبة "الأمن العام" لحياتنا و هم رجالاً و نساءً يتكفلون حماية القاصي و الداني دون طلب الشكر. وليس عدلاً أن نعتبر وجودهم تحصيل حاصلٍ. فالبعض فعلاً يرونهم هكذا و قد لا يقدرون جهودهم طوال ساعات اليوم و طوال العام في ظروف عملٍ شاقة. إنها المهمة الأسمى لدى الإنسان أن تنجد الملهوف و تحمي الضعيف و تدافع عن الحق لتعيده لصاحبه. و هو ما يقوم به "الأمن العام"، سواء لاحظتهم في عملهم أم لم تلاحظهم. و من أسمى أفعال رد الجميل أن تساعدهم باحترام الحق العام و الخاص و القانون، و أن تشكرهم و تحترمهم و تقدر تعبهم.
إن الآلاف منا يصلهم الماء اليوم أو يصلهم كما يجب بالكميات العادلة لأن "الأمن العام" كان هناك ليوقف السرقة. وسيكون المجتمع بأمانٍ عندما تختفي المخدرات من حياته أو تتراجع للحد الذي يمكن علاجه. نعلم أن مجتمعا و بلداً لن يخلوا من المسيئين و مع ذلك نتمنى أن يكون احترام الحق العام و بالتالي صحة الوطن والمواطن هو المبدأ البديهي للجميع لكن الواقع الذي نراه عند البعض يكشفُ عن سوء النوايا و سيستدعي "الأمن العام" لحماية وحفظ الحق العام و استحقاق التحية والعرفان.