مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على أمن الاسرة
المحامية مادلين معدّي
16-08-2022 03:23 PM
أكَّد مختصون أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي أثَّرت بشكلٍ سلبي في التواصل الأسري والاجتماعي وعلى العلاقات الإنسانية، إلى جانب تأثيرها في مهارات التواصل الاجتماعي المباشر لدى كثير من أفراد المجتمع، موضحين أنَّ بعض الدراسات أشارت إلى أنَّ الاستغراق في استخدام هذه الوسائل يُضعف العلاقات الاجتماعية ويُقلل من التفاعل الاجتماعي في محيط الأسرة، وذلك من خلال قلة الزيارات واللقاءات العائلية، مُشيرين إلى أنَّها تزيد أيضاً من الاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم، إلى جانب تأثيرها سلباً في مهارات التواصل الاجتماعي، مما قد يُسبّب عزله اجتماعية، وكذلك سماحها باستيراد نماذج من السلوك لا تتفق مع ثقافة المجتمع الدينية والاجتماعية، حيث فسحت المجال لبناء علاقات بين الجنسين بما يتعارض مع قيم المجتمع ومعاييره.
إنَّ المشكلة تكمن في كيفية تعامل الأفراد مع هذه التقنيات المتوافرة، موضحاً أنَّ البشر ليسوا سواء في الإدراك والمستويات الاجتماعية والثقافية، مُشيراً إلى أنَّ هناك ما يسمى بالفروق الاجتماعية والفردية، مُبيِّناً أنَّ هذه الفروقات ذات تأثير في الإعلام الاجتماعي، لذلك توجد السلبيات والايجابيات في هذا المجال، لافتاً إلى أنَّ الإدمان على هذه البرامج والوسائل من أهم السلبيات، مؤكّداً أنَّ الوقت الذي وفرته التقنية لنا كان من المفترض أن يستثمر في مزيد من الاستثمار في العلاقات الاجتماعية.
إلا أنَّ التقنية الحديثة اختطفت هذا الوقت من واقعنا الأسري والاجتماعي والعلاقات الإنسانية من أجل أن يذهب إلى هذه الوسائل، وبالتالي ضعفت العلاقات الاجتماعية والأسرية بشكل عام، كما ضعفت معها مهارات التواصل الاجتماعي المباشر عند كثير من الناس نتيجة للإشباعات التى تحققها هذه الوسائل، موضحاً أنَّ هذه هي إحدى الإشكالات التى تواجه المجتمعات بشكل عام للتعاطي بها.
وبيَّن أنَّ وسائل الإعلام التقليدية في السابق كانت تسمح بمرور أو منع المعلومات التى قد تؤدي للعنف أو الجريمة المنافية للأخلاق، إلى جانب وجود نوع من الرقابة والتحكم إلى حدٍ ما، وهذا أمر إيجابي، أمَّا الآن فقد انفتحت وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت بلا رقيب، مُشيراً إلى أنَّه ربَّما كان مع الفروق الفردية استدراج للعنف والجوانب غير الأخلاقية بفعل طبيعة المرحلة العمرية التي يكثر فيها القبول وعدم الوعي الكافي بمخاطرها.
فمن إحدى المنافذ والثغرات التى قد تؤدي بها وسائل التواصل المختلفة على المجتمع ، أثبت أن حالات حدوث تفكك أسري وبعض حالات الطلاق كان بفعل انفتاح هذه الوسائل وعدم نضج بعض المتعاملين معها أو عدم وجود توازن أو غياب الضمير وعدم وجود الرقيب، وبالتالي أصبحت هذه الوسائل منفذاً للمجرمين والإرهابيين وتسمح باستدراج بعض أفراد المجتمع.
حيث أن تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز الوسائل التي يستخدمها المجرمون في هذا المجال، مُضيفاً أنَّنا لا نستطيع أن نصدر حكما واحدا على أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي جيدة أو غير جيدة، حيث الأمر يختلف من مجتمع إلى آخر، وبالتالي فإنَّنا نحكم من خلال طريقة تعامل أفراد المجتمعات، داعياً مؤسسات المجتمع المدني إلى أن يكون لها دور في التوازن في هذا الجانب، إلى جانب قراءة هذا الواقع وإعطاء التنبيهات المطلوبه له .
يجب الاخذ بعين الاعتبار أنَّ التكنولوجيا الرقمية قد تسلَّلت بدورها إلى نسق التفاعل الاجتماعي مفسحةً المجال إلى ظهور أنماط جديدة من العلاقات الاجتماعية تتسم بالتلقائية والسطحية والاتساع والتنوع، مُضيفاً أنَّه اصطلح على تسمية هذا الاندماج بين التكنولوجيا والعلاقات الاجتماعية بوسائل التواصل الاجتماعي. أتاحت التواصل بين الأفراد لتشكيل العلاقات وتبادل الخبرات والاهتمامات، وذلك من خلال الرسائل والملفات والصور في بيئة افتراضية، مُضيفاً أنَّ هذه الوسائل أصبحت جزءًا من حياتنا الاجتماعية، حيث تغلغلت في نسيجنا الاجتماعي وبتنا نعتمد عليها في جميع أوجه أنشطتنا الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية، إلاَّ أنَّها تركت آثاراً سلبية في العلاقات الاجتماعية ومستوى التفاعل الاجتماعي.
يجب الانتباه أن الاستغراق في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يُضعف العلاقات الاجتماعية ويُقلل من التفاعل الاجتماعي في محيط الأسرة، وذلك من خلال قلة الزيارات واللقاءات العائلية، موضحاً أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تزيد أيضاً من الاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم، مُشيراً إلى أنَّ بعض الدراسات أشارت أيضاً إلى أنَّ الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يُضعف مهارات التواصل الاجتماعي، ما قد يُسبّب عزله اجتماعية حقيقية ..
بالاضافة ألى أنها سمحت باستيراد نماذج من السلوك لا تتفق مع ثقافة المجتمع الدينية والاجتماعية، حيث فسحت المجال لبناء علاقات بين الجنسين بما يتعارض مع قيم ومعايير المجتمع، فمن إحدى الدراسات و منها على سبيل المثال هناك دراسات خليجية أشارت إلى أنَّ حوالي (39%) من عينة الدراسة تحدوا آليات الضبط الاجتماعي الأسري وعقدوا لقاءات مباشرة مع من تعرفوا إليهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، غير مبالين بالعواقب المترتبة على مثل هذه اللقاءات المحظورة اجتماعياً.
فمن أبرز الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، ما أنتجته هذه الوسائل من تعددية في الأطر المرجعية للسلوك، هذه الأطر التي يحكم بها الفرد على سلوكه بالقبول أو ضده، فمن أحادية الإطار - الأسرة والمجتمع المحلي - إلى تعددية الأطر - العالمية - ونتيجة لذلك لم يعد معيار القبول والرفض والخطأ والصح للسلوك واضح لدى الشباب، حيث قد يقوم شاب بسلوك يستهجن من قبل مجتمعه المحلي، إلاَّ أنَّه يلقى له صدى وقبولا وتأييدا لدى أطر أو مرجعية أخرى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي..
وبحيث طرح تساؤل: "أيّ إطار أو مرجعية للسلوك سيتخذه الشاب هنا؟"، أنَّ هذا يُفسر لنا جزئياً أسباب خروج بعض الأفراد على القيم ومعايير المجتمع، فأنَّ وسائل التواصل الاجتماعي فتحت نوافذ كثيرة على المجتمعات والثقافات المختلفة نتج عنها آثار ايجابية، ومنها الانفتاح الفكري والثقافي، وتطوير المعرفة والبحث العلمي، كما أنَّها تحقق احتياجات متعددة لمستخدميها من الناحية الوجدانية والمعرفية والتكامل النفسي والاجتماعي..
فممكن أن يستفاد من وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الأمن الفكري للمجتمع، وذلك من خلال ما تتميز به هذه الوسائل من خصائص، ومنها: التفاعلية والتزامن والانتقائية والانفتاحية، مُضيفاً: "من خلال ما تتمتع به هذه الوسائل يمكن تشكيل أفكار وقواعد ومبادئ وقيم معتدلة تساعد على تقوية الأمن الفكري وتعزيزه لدى الشباب"، مُشيراً إلى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تساعد على ضبط الظواهر السلبية في المجتمع، إلى جانب تصحيح المفاهيم الخاطئة، وكذلك التصدي للفكر المتطرف، وذلك إذا استخدمت بالشكل الصحيح.
على أنَّ هذه السلبيات تبقى بسيطة بالمقارنة مع سلبيات أخرى تحدث في مجتمعنا، ومن ذلك: نشر الشائعات الكاذبة أو الهجوم على الآخرين أو نشر الصور واستخدامها في الابتزاز، وبالتالي ظهرت القوانين الإلكترونية التى تُجرِّم هذا النوع من الجرائم، إلى جانب الحد منها، موضحاً أنَّ هناك عقوبات متعددة تُطبَّق بحق المتجاوزين، مُبيّناً أنَّ "وحدة مكافحة الجرائم اللاليكترونية " تعمل على توضيح هذه العقوبات عن طريق إرسال الرسائل النصية للمواطنين و عقد للكثير من ورشات العمل التوعوية بهذا الخصوص بكافة انحاء المملكة تسعى من وراء هذا الاجراءات إلى التعريف بهذه الجرائم التى حددها نظام الإجراءات الجزائية في "وزارة العدل" وجاري العمل بها، موضحاً أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي فتحت لنا آفاقا إيجابية وقدرات كبيرة للتعامل مع الشعوب الأخرى، فمن أخطر التأثيرات التي نتجت عن الافراط بالتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي هي بالمختصر التالي :
1- قلة النوم و الارق .
2- التأثير على المخ : من حيث في أحدث الدراسات الأمريكية بجامعة نيويورك التي أقيمت على مستخدمي "فيسبوك" على وجه الخصوص فقد أظهر الباحثون أن 76% من المشاركين قاموا باستخدام الموقع أثناء المشي على القدمين، و40 % أثناء القيادة، و63% أثناء التحدث مع آخرين، وأكد الباحثون أن زيادة معدل استخدام مواقع التواصل يزيد من عدم التوازن بين النظام المعرفي والنظام السلوكي في المخ، وإن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يتسبب في حدوث خلل بوظائف المخ.
3- الاكتئاب : مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عن غيرهم، وأشارت إحدى الدراسات الكندية إلى أن المراهقين الذين يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من 3 ساعات يوميا يكون لديهم أعراض الاكتئاب والقلق، والميل إلى العدوانية والعزلة عن الآخرين.
4- قلة التركيز : الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي يتسبب في الكثير من الأضرار ومنها الإجهاد وقلة النوم، وهذا بدوره يؤثر على القدرة على التركيز والإصابة بالضعف في الانتباه، وعدم القدرة على التحصيل العلمي الجيد للطلاب.
5- قلة الانتاجية بالعمل : أشارت دراسة أجرتها جامعة ميريلاند أن وسائل التواصل الاجتماعي تعيق إنتاجية العمل، وهذا لأن الكثيرين يقومون بتصفح مواقع التواصل خلال فترة عملهم مما يؤثر على جودة العمل بشكل كبير.
6- العزلة الأجتماعية .
7- التأثير على الحالة المزاجية .
8- التأثير على الحالة الصحية : الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على صحة الإنسان، وكشفت دراسة في جامعة ميلان في إيطاليا إلى أن قضاء ساعات طويلة أمام الهاتف على وسائل التواصل لها تأثير ضار على صحة الجهاز المناعي للإنسان مما يتسبب في الإصابة بالأمراض، وأشارت مجلة (journal of school nursing) إن استخدام الإنترنت بشكل عام لأكثر من 14 ساعة يوميا قد يعرض الأشخاص إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم..
من هنا يجب التشديد على أهمية توعية الأطفال و الشباب و الكبار في هذا الجانب فيما يتعلَّق بكيفية استخدام هذه الوسائل، إلى جانب تحذيرهم بسلبياتها؛ لكي لا نقع ضحيةً لهذه الوسائل، وذلك عن طريق التشهير والابتزاز، مؤكداً أنَّنا فقدنا الخصوصية في هذا الجانب، إلى جانب وجود من أصبح يعيش حالة من التوتر نتيجة غياب هذه الخصوصية.و الأغلب يعاني من الفوضى القيمية للكثير من الامور و تبعثر العادات و التقاليد و ضعف الوازع الديني و تدهور المنظومة الاخلاقية لدى الكثيرين مع الاسف بكيفية التعامل مع هذا العالم الفضائي المنفتح بدون اي معايير ضابطة لهذا التيار العولمي الجارف متمنيا السلامه و الانتفاع مما سبق للجميع .
* مديرة أكاديمية النسر لللاستشارات والتدريب والتطوير المجتمعي