تقوم رسالة الاعلام على سياسات ثلاث ارشادية وتوعوية وتوجيهية، فأما الارشادية منها فهي معرفية لغايات البيان والتوعوية المتممة فتستخدم في الموضوعات التثقيفية بهدف التبيان، لكن التوجيهية في الشق المقابل فانها غالبا ما تستخدم في ادارة الازمات لاحتواءها على منظومة ضوابط يجب توخيها او مجموعة عوامل يستلزم الاخذ بها لضرورات امنية تخدم السلامة العامة او لغايات وقائية يستلزمها الامن الوطني او مناخات الامان المجتمعي .
وأما الوسائل الناقلة للرسالة فهي اما سمعية او بصرية او كلاهما معا او تكون ذهنية تقوم على الاستباط من خلال القراءة، وأما الاخرى فهي تكوينية، حيث يتم استخدامها في الأنماط الامنية والعسكرية، لكن جمعيها تهدف الى خلق او تكوين هالة انطباعية يراد تكوينها او ترسيم صورة معرفية يراد ترسيمها .
هذا لان الوظيفة الاعلامية تقوم على توليد صورة انطباعية ولا تقوم على نقل المحتوى الحقيقي الذب يتم النظر اليه من تلك الزاوية التي تخدم اغراض الاهداف في الحواضن الاعلامية المستهدفة وليس من الواقع الشمولي الاحاطي الذي يخدم اغراص تبيان الوقائع والتحقق منها، وهو الامر المعمول به بالمنازل الامنية ذات العلاقة الاستقصائية الاستخبارية التي تشكل مدخل اخر من مداخل الاعلام الامنية .
فكلما كان اختيار النواقل بطريقة اسلم حملت ايصال الرسالة معنى اوضح وتكونت معها صورة انطباعية سليمة خدمة اغراض المعنى وحققت تلك الهالة الانطباعية المستهدفة، فليس كل النواقل يمكنها نقل الرسالة وتشكيل ظروف استجابة فالرسالة المسموعة غالبا ما تستخدم اثناء التحرك والحركة وفي ميادين التجمهر العامة، وأما المرئية منها فتستخدم عادة في اماكن الجلسات الجامعة.
وفي الغالب الاعم تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للحالات الفردية وكذلك القراءة ذات التصورات القصيرة التي تحتوي على خبر دون مبتدأ، وهي ايضا ما تندرج ضمن هذا المضمون، وأما التداخلات المباشرة التي تقف على الموضوعات المعرفية او التحليلية فانها تستهدف بناء الأثر وليس فقط تحقيق التأثير الآني كونها تستهدف تحقيق عناصر الاستجابة العميقة، لذلك فهي تشكل نموذج آخر من نماذج النواقل وهو ما يجعل من اختيار نوع الناقل احد اهم الوسائل الضرورية التي تخدم اغراض الاستجابة .
وفي مسألة اختيار الناقل لابد من اختيار الفريق وتحديد نوعيته والوقوف على التخصصات اللازمة لتكوين العبارة الناقلة حتى تكتمل صورة الوصف الوظيفي للبيان الناقل، وهنا نتحدث عن ترسيم المصداقية لهالة الثقة وكيفية اخراج النص لتكوين صورة انطباعية في الشكل والمضمون والتصور من زاوية تكوين دوائر التأثير وبناء مساحات الأثر .
وهذا ما يقودنا لاهمية تحديد حواضن الاستجابة وهي حواضن إما ان تكون عامة او انها تستهدف الحواضن الخاصة التي تناط باصحاب الراي باعتبارهم ادوات ناقلة لحواضن الاستجابة الافقية، وهو الامر الذي يتوقف على الموضوعات ونوعيتها كما على شكل الرسالة المراد ايصال محتواها، فليس كل الموضوعات تعتبر موضوعات عامة اي ذات اهتمام افقي، لكن هنالك موضوعات يستوجب نقلها للمهتمين بطريقه رأسية اولا وهذا ما يعتمد على نوعية الموضوع ودرجة الاختصاص واسلوب التعاطي .
وأما في موضوع الازمات فيجب تحديد نوعية الازمة والاجابة على الأسئلة الخمسة التي تتمثل ب (متى حدثت ومن المسبب وكيف بدات ولماذا ظهرت واين تمركزت) حتى يتم بيان البرنامج الاسلم في ايصال الرسالة لا سيما وان هناك ازمات ذاتية من المهم تميزها عن طبيعة الازمات الموضوعية وبيان ظروفها وتحديد عمقها قبل اختيار نوعية الناقل، كما ان هناك ازمات تختلق ذاتيا لغايات تمرير حالة او لشراء وقت وهناك ايضا نوعية ازمات اخرى يتوقع حدوثها واخرى ذاتية/ موضوعية أدخلت دون احتساب بطريقة مفاجئة، أي أثر حادث ولكل واحدة منها برنامج عمل مغاير في آلية التعاطي وعناوين التعامل .
فالازمات الطويلة بحاجة دائما الى جمل توجيهية تقوم على العناية والرعاية وتؤكد على تنفيذ الاجراءات اللازمة في خدمة اغراص الحماية وكذلك بيان بوصلة التوجه والتحدث بلغة معرفية عن الازمة وكيفية التعامل معها، وكذلك بيان بوصلة الاتجاة المرحلية لتوفير ظروف الاطمئان للحواضن المستهدفة .
وأما الازمات ذات المدى المتوسط فانه يتم بناء جملتها الاعلامية بمبتدأ يقوم على زراعة الامل في النفوس وخبر الارتقاء بمنسوب الوازع الوطني او القيمي وبيان طريقة الحلول لتحقيق عناصر المشاركة وتوسيع دوائر الاستجابة.
وأما الازمات العابرة فان لغة الاستخدام من المفترض ان تكون مباشرة وتستخدم فيها درجة الثواب والعقاب للحد من حواضن تاثيراتها السلبية والعمل على حصرها في اطر محدودة ومغلقة ويتم التعاطي معها باسلوب البيان المشفوع بقرار حازم .
ولان الازمات بشكل عام تغلفها مناخات مشدودة وفضاءات متباينة واجواء تتعدد فيها الآراء التي غالبا ما يكون حاضرة ومتسارعة في ظل وجود شبكات التواصل الاجتماعي، فان الدقة مطلوبة هنا والاحتواء مهم والتحدث برسالة موضوعية معرفية أمر ضروري، كونه مقياس لدرجة المصداقية وهي الركائز الاساسية في بناء جملة الثقة المستهدفة التي يمكنها ان تكون الهالة الانطباعية الايجابية المستهدفة وهي ارضية العمل التي يمكنها ان تقدم تصور لبناء استراتيجية عمل لدور الاعلام في ادارة الازمات .
دور الاعلام في ادارة الازمات سيكون عنوان الندوة التي ينظمها منتدى الحقيقة الدولية في باكورة اعماله بادارته الجديدة بقيادة الاعلامي المهندس بسام ابو النصر يوم الاربعاء القادم، بمشاركة ناشر عمون الاعلامي سمير الحياري، والوزير الاسبق الدكتور محمد طالب عبيدات، ووزير الاعلام السابق المهندس صخر دودين، والوزير الاسبق الدكتور عاكف الزعبي، ورئيس تحرير صحيفة الرأي خالد الشقران، ومدير مركز القدس عريب الرنتاوي، وكاتب هذه المداخلة، وبحضور الدكتور زكريا الشيخ مطلق قناة الحقيقة التي ستنقل هذه الندوة على الهواء مباشرة .