في الأخبار ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أرسل اشارة بالغة الخطورة مفادها انه قد لا يمانع في الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية، فقد قال بالحرف :»إنه بإمكان إسرائيل أن تطلق على نفسها أي تسمية تريدها لكن المهم أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة» ، وهذه اول إشارة إلى عدم ممانعة القائد الفلسطيني في الاعتراف بيهودية الدولة العبرية التي يطالب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وسائر الأحزاب الاسرائيلية الرئيسة.
للعلم فقط فان الجامعة العربية رفضت رفضا قاطعا هذا الطرح وكان بامكان عباس الاحتماء بالموقف العربي لكي لا ينزلق الى هذا الموقف غير ان ما قاله من اشارات بالغة الدلالة باتجاه يهودية الدولة تعني انه لم يذهب الى المفاوضات المباشرة بضغط عربي بل برغبة شخصية بدليل لو انه اراد الاحتماء بالسقوف العربية المطروحة لما قال ما قاله.
ان أي مراقب في العالم لا يجد أمامه الا ان يحسد اسرائيل على خصومها الذين يتسابقون على تقديم التنازلات المجانية ففكرة يهودية الدولة ليست بهذه السذاجة التي تناولها القائد الفلسطيني حيث تستطيع ان تقوم اية دولة باطلاق أية تسمية على نفسها فالفكرة اخطر من مجرد تسمية بل هي تأسيس لشطب مليون ومائتي الف فلسطيني يعيشون داخل الخط الأخضر وترحيلهم او استبدال الأراضي التي يسكنون فيها بأراض اخرى! أي ان هذا الاعتراف مقدمة لترانسفير داخل فلسطين وقد تمتد اخطاره خارج فلسطين التاريخية.
ان تصريح الرئيس عباس يعد تقويضا للأمن القومي العربي وتتويجاً لسلسلة لا نهائية من الضغوط الاسرائيلية التي يبدو انها أثمرت في تطويع الخصوم واعادة برمجتهم بما يجعلهم ينوبون عن الخصم تطوعا في تكريس مقولاته.
الاعتراف الكارثة ليس مجرد لعبة لغوية ساذجة بل اعتراف للخصم بما لا يمكن ان يتحقق بلا اعتراف فلسطيني وهنا نقول اذا قبلنا جدلا ان تكون اسرائيل دولة يهودية فلماذا نستنكر على القوى الاسلامية ان تقوم بالتأسيس لامارة اسلامية ، هل الديانة اليهودية تصلح لأن تكون دولة بينما لا يحق للديانة الاسلامية من ان تفعل ذات الأمر؟
على الرئيس عباس منذ ان اطلق هذا التصريح ان يتوقف عن وصف غزة بالامارة الاسلامية الخارجة على القانون فحماس ايضا وهي تيار اسلامي لم يعلن ابدا عن قيام دويلة اسلامية باعتبار ان ذلك يعد انشقاقا تاريخيا للشعب الفلسطيني لا يقبل به هذا التنظيم.
لقد قبل عباس في تصريح صحافي مقتضب ما كان سيعامل بوصفه طرحا مرفوضا من قبل العالم بأسره غير انه الآن أضحى طرحا مقبولا باعتبار ان الضحية لا تجد فيه غضاضة، انه أمر يدعو الى الحزن .. الحزن العميق.
الرأي