تنادى ثلة من شباب لواء بصيرا الواعد والمنتمي لوطنه وامته، في مقارعة المستحيل لتأسيس ملتقى بصيرا الثقافي، والذي افرز عرسا وطنيا اردنيا عربيا اطلق عليه «مهرجان بصيرا الثقافي «، كانت بدايته الأولى عام 2005.

وبصيرا، لمن لا يعرفها، او خانته الذاكرة، هي الحاضرة التي عاش فيها نبي الله ايوب عليه السلام، وهي عاصمة مملكة ادوم التي دامت لأكثر من ثمانية قرون، هذه المملكة التي كانت ثالث مملكة تنشأ على تراب الاردن، حيث مملكة عمون وعاصمتها عمان، ومملكة مؤاب وعاصمتها الكرك. هذا اذا ما اضفنا باقي التراث التاريخي للارض الاردنية بدءا من أم قيس وعجلون وجرش، مرورا بالبلقاء، وام الجمال، وانتهاء بإيليا والحميمة والبتراء، فالاردن يمثل نتاج تفاعلات حضارات سادت وبادت في هذه المنطقة، وليس كما يدعي مغيبو الضمير بأن الاردن حالة طارئة على الزمان والمكان، متناسين بأن جل محافل جيوش الفتوحات العربية- الاسلامية تفاعلت مع التراب الاردني، وشكل الأردنيون مادتها الأساسية.

وباحتفالات متواضعة، لكنها ذات معنى ومغزى كبيرين، من حيث الاداء واستذكار التراث والتاريخ وتحليل الواقع واستشراف المستقبل. شهد يوم اٌثنين 20/9/2010، وبرعاية وزير الثقافة الأردني إنطلاقة هذه التظاهرة الثقافية- الفنية في عامها الخامس.

لقد اجاد الدكتور صبري الربيحات، وزير الثقافة السابق، في محاضرته عن «الثقافة والفكر» والتي اشار فيها الى ان الثقافة تشكل الإطار الأعم والأشمل للتأصيل الفكري و للتفاعلات الإنسانية، منوهاً بأن التنوع الثقافي والفكري يمثل إضافة نوعية لمكونات المجتمع وإبداعاته، والمجتمع الأردني، بتنوع مصادر ثقافته، يمثل أنموذجاً للمجتمعات المثقفة والواعية والرائدة في مجال توظيف التنوع الفكري والثقافي لصالح بناء المجتمع الحي.

كما نوه المحاضر الكريم، بالدور الاردني الهاشمي في إثراء الثقافة القومية للأمة، وإبراز الصفحات الناصعة للتاريخ العربي، خاصة ما يتعلق بتفاعل المكونات الفكرية للأمة مع إطارها الثقافي، حيث تم تشكل البيئة الخصبة لإنتاج الثقافة العربية- الإسلامية التي سادت لأكثر من ألف عام دون منازع. محللاً كيف أن الاردن، وخلال مسيرته الوجودية، كان دائما يقدم الشأن القومي على القطري، ومصلحة الامة على مصلحته، ليس على المستوى السياسي والإقتصادي فحسب، بل على كافة الأطر ومنها الإطار الفكري- الثقافي.

كما استنهض المهرجان جانبا تراثيا مهماً من تاريخ الأردن المشرق، حيث قدمت فرقة الرمثا للفلكلور الاردني لوحة فنية رائعة تحكي قصة الفن الأردني وإبداعاته. في حين كان هنالك حضوراً مميزاً للفن العربي السوري ومن أحفاد سلطان باشا الأطرش و بادية الشام، هذا بالإضافة إلى الوصلات الفنية للعديد من الفنانين الأردنيين الذين أنشدوا للأردن ومليكه وشعبه وتاريخه وتراثه.

لقد مثل هذا المهرجان انطلاقة نوعية وريادية، لشباب طموح وواعد لخدمة مجتمعه المحلي، و نبراساً يحتذى به للاجيال القادمة. حيث دونوا تاريخ بلدهم وانجازات اجيالهم، عسى ان يكون ذلك حافزا للقادم من اجل مزيد من العطاء لرفعة هذا الوطن بكافة تفاصيله، مدنه وقراه وباديته ومخيماته.

فالشكر الموصول لكل الذين ساهموا في انجاح هذا العرس الوطني الاردني الهاشمي، سواء وزارة الثقافة، أو مديرية ثقافة محافظة الطفيلة، واعضاء الهيئة الادارية لملتقى بصيرا الثقافي، والفعاليات الثقافية في لواء بصيرا و محافظة الطفيلة، ومصنع إسمنت الجنوب-الرشادية، وجمعية البادية الأردنية للفكر والثقافة، وفعاليات مدينة الحسا، ومؤسسة الإذاعة التلفزيون الأردنية، والحكومة المحلية، ومنظمات المجتمع المحلي، والفرق الفنية الأردنية، خاصة فرقة الرمثا للفلكلور الاردني، والذين تجشموا عناء السفر للحضور من الرمثا. هذا بالإضافة للعديد من الشعراء والمحاضرين والمفكرين الذين أثروا المهرجان بابداعاتهم وانتاجهم الفكري و العلمي الغني الثري.

almajali74@yahoo.com

الرأي