الغيت خدمة العلم مطلع التسعينات ، ثم تم الاعلان عن عودتها ، قبل سنوات ، الى ان تم تجميد الامر مجدداً.
خدمة العلم يجب ان تعود ، ولو لمدة اقل من العامين التي كانت سائدة ، وذلك لاعتبارات كثيرة ، ويمكن تكييف نمط جديد من هذه الخدمة بحيث تكون لعام واحد فقط نصفها عسكري والنصف الاخر منها مدني.
الدعوة لاعادة خدمة العلم لها اعتباراتها ، فهاهي الاجيال الجديدة من الشباب تطل علينا ، وقد تمايلت وتكسرت مشيتها ، وهي في بعضها لاتحترم احداً ، ولاتعرف شيئا عن البلد ولا عن القانون ، ولا عن الانتماء.
خدمة العلم ليست لتحطيم شخصية الانسان ، بل لاعادة صياغة هذه الشخصية على الصعيد الوطني والاجتماعي ، لان من يؤدي خدمة العلم يتم صقل شخصيته ، وشد عودها ، وتعليمه مهارات كثيرة ، بالاضافة الى تكريس هيبة المؤسسة والدولة والبلد في قلوب الناس.
من يقول ان خدمة العلم مكلفة مالياً ولاقدرة عليها ، يعرف ان هذه قصة غير مقنعة ، وان اعادة الخدمة قرار يجب اتخاذه ، وتدبير موارده المالية ، لان الخسائر المالية والوطنية من غياب الخدمة تفوق التوفير في كلفها لو عادت.
اذا كنا نريد اجيالا تحترم البلد وتحسب حساباً للمجتمع والقانون ، وتعرف ان عليها واجباً عاماً ، فان علينا ان نتذكر ان خدمة العلم تصهر الناس في بوتقة واحدة امام العلم ، بدلا من التشظيات على اسس جهوية وعائلية واقليمية الى اخر هذه القصص التي نراها.
من يؤديها ايضا يحصل على فرصة ذهبية لمعرفة البلد ومدنه وقراه وبواديه ، بدلا من حالة الاغتراب في نفوس الشباب ، ويتلقى المكلف مهارات مهمة ، وتجعله يصبح جزءاً من فريق ، بدلا من حالة التوحد والضياع التي يشعر بها كثيرون.
اساسا لابد من اعادة معسكرات الشباب في المدارس ، فيصير الطالب ايجابياً يغرس شجرة وينظف شارعاً ويبني مدرسة او مركزاً صحياً ، وبدون ذلك سنرى الشباب يكسّرون ويحطمون كل منشأة عامة لأي سبب كان ، لانهم لايعرفون قيمتها.
خدمة العلم يمكن ان تعاد بطريقة مدروسة لا قسوة فيها ، ولا اضاعة للفرص على من تأتيه الفرص ، وبطريقة تجعل "الحبل السري" بين الانسان وهذا البلد ، حبلا نابضاً بالحياة ، بدلا من انفلات الشباب في كل مكان ، وتخطفهم من جانب من يعيد صياغتهم كما يريد.
اذا لم يخدموا العلم فمن يخدمون اذاً ، وهو سؤال مفرود بين يدي اصحاب القرار؟.
mtair@addustour.com.jo