أخلاقيات السياسة .. للتذكير فقط!
حسين الرواشدة
25-09-2010 04:35 AM
نحتاج الى التذكير بالقيم السياسية النظيفة في زحمة السجالات التي تدور حول الانتخابات ، ونحتاج - أيضا - الى اعادة الاعتبار لاخلاقيات المواطنة ، وأخلاقيات العمل العام ، وأخلاقيات التنافس والتدافع والنقد والاختلاف ، واذا كانت مجتمعاتنا قد اصابها - فيما مضى - حالة من التدهور على هذا الصعيد وابتليت ببضع النخب التي سقطت "بالبراشوت" الى دوائر الفعل السياسي والاجتماعي ، فان استخلاص العبر مما انتهينا اليه من تيه وارتباك يفرض علينا اجراء مثل هذه المراجعات الضرورية ، والتأكيد عليها ، واقامة موازينها العادلة لكي نتمكن من رؤية خياراتنا ، ووضوح طريقنا ، وسلامة "اتجاه" بوصلتنا العامة.
في تاريخنا القريب ثمة نماذج وطنية يمكن ان نستلهم منها قيم الاستقامة وأخلاقيات العمل العام ، ممن تركوا في "ذاكرتنا" الوطنية "رمزية" خاصة للتجرد من كل مصلحة شخصية ، والالتصاق دائما بالناس ومصالحهم ، والارتفاع فوق "اغراءات" المواقع والاحتكام الى "نبض" البلد ، هؤلاء وغيرهم لا تذكرنا بهم "الثروات" التي تركوها ، وقد رحلوا فقراء ، ولا تذكرنا بهم "المواقع" التي شغلوها ، وانما القيم التي آمنوا بها ، والمواقف التي سجلوها والأخلاقيات الرفيعة التي التزموا بها حين مارسوا أعمالهم السياسية أو الادارية أو غيرها.
الآن ، وفي "مولد" الانتخابات تحديدا ، ثمة من يؤمن بأن السياسة طلقت الأخلاق ، وبأن الوصول الى الهدف يبرر الوسيلة ، وبأن "الشطارة" في الدخول الى اللعبة تقتضي استخدام المشروع وغير المشروع ، على قاعدة "اكسب واهرب" ، وبأن التعامل بمنطق "الاستغلال" واقتناص الفرص ، حتى لو كان على حساب مصلحة المجتمع وظروف الناس ، هو أقصر الطرق لتحقيق المراد ، الآن يوجد بيننا من لا يتورع في اقصاء خصومه أو تجريحهم أو الاساءة اليه بذريعة أو بدون ذريعة ، ويوجد بيننا من يسيء استخدام سلطته وصلاحياته لحساب قريب مرشح ، أو صديق مؤازر ، ومن يتغطى بالدرع للوصول الى قلوب الناس ، ومنها فورا الى أصوات أكثر في الصناديق ، ومن يستخدم الصدقات والعمل الخيري "كرشوة" الفقراء ، ومن يستفز المشاعر الوطنية للحصول على حصة ما من كعكة السياسة والمنصب ، ومن يضع "وطنيته" ومبادئه التي لطالما أشهرها في كفة ، وفي كفة اخرى "الموقع" الذي يفترض أن يشغله.
هل نحتاج ، وسط هذه المناخات الى التذكير بقيم السياسة النظيفة ، وبأخلاقيات الوظيفة العامة ، وبالنماذج الوطنية التي ما زالت حية في ذاكرتنا.؟
هل نحتاج الى "موازين" جديدة ، نضع فيها نخبنا أمام امتحان "الاكثر" وزنا في كفة أخلاق السياسة والالتزام بمبادئها النبيلة ، والاكثر ايمانا بمصلحة البلد والاكثر "اقناعا" للناس ، والاكثر زهدا في المناصب والاغراءات والامتيازات.
اعتقد اننا - فعلا - بحاجة الى هذه الموازين لكي نعرف من ينجح في امتحان "التصويت" والفرز.. ومن يسقط فيهما بامتياز.
الدستور