لجنة لتقصي حقائق "الثلجة الحمرا" التي فاجأت الحكومة بعواصفها العاتية، وغازها المقطوع، و"إعلامها المرتبك" .. وغرفة عمليات قرر وزير الشؤون البلدية نادر الظهيرات تشكيلها، بإبداع فردي، ستحسده عليه الأجيال المقبلة، من أجل مواجهة أي "ثلجة" أخرى، في الصيف المقبل!
هذه آخر ابداعات الحكومة التي ارسلت وزير تطوير القطاع العام محمد الذنيبات إلى معان "للوقوف عن كثب" على تداعيات "الثلجة الحمرا" التي ستؤرخ بها بلادنا الإهمال الحكومي، مثلما أرّخت في الماضي المجاعات التي شهدتها ثلجة اخرى، في أواخر الخمسينات من القرن الماضي!
ستتقصى الحكومة أسبابا معروفة لتقصير أجهزتها، ستتقصى الدافعية المفقودة في التعامل مع الأزمات، ستتقصى غيابها على الأرض، وحضورها الكثيف والشديد في التصريحات، والجولات الاستعراضية على المحافظات التي أصبحت شكلا حكوميا في تسكين آلام الناس، دون علاج حقيقي.
تعودت بلادنا على أن تشكيل أي لجنة لحل أي ازمة، هو بمثابة التغطية على المعضلة، والالتفاف على المعالجة الحقيقية. وتعودت بلادنا التي لم تستطع حكومتها التعامل مع ظروف مناخية مألوفة أن لا يأبه الناس لتأليف لجنة، ولا الى غرفة عمليات، تنشر الصحف خبرها، بوصفه فتحا عظيما، في ما هو في حقيقة الأمر من صلب عمل وزارة الشؤون البلدية، التي كانت بعض جرافاتها بلا وقود أثناء العاصفة الثلجية!
ثم بما أن الموسم لتشكيل اللجان، فينقصنا لجنة لمعرفة ما حدث لنقص الغاز، وارتفاع سعره خلال العاصفة، اي أن على الحكومة أن "تتقصى" مسار اسطوانة الغاز من مصفاة البترول التي تحتكر التوزيع الى الموزعين الذين احتكروا الطاقة، وعليها أن تعرف لماذا قفز سعر عبوة الغاز الى ستة دنانير!
وهذه مسألة سهلة جدا، تستطيع الحكومة "بعقل بارد" أن تردها الى نحر الممصفاة، والى نحر النقابة، ليرتد عليهما كيدهما !!
المهم أن الشكل الذي تحملت فيه الحكومة مسؤوليتها عن تقصيرها جاء باهتا ومضحكا، فلا يكفي تشكيل اللجان والغرف، فهذا عمل يدخل ضمن ابجديات مهماتها قبل الأزمة، وليس بعدها، فتفاصيل ما حدث كفيل باطاحة اي حكومة في البلدان التي تحترم حقوق المواطن في أبسط معانيها وتجلياتها!
ولكن الحكومة باقية، ومعها لجان عتيدة، وسيزور وزراؤها محافظات الجنوب بعد ايام، ويؤكدون "حرصها" على "محاربة الفقر والبطالة".. ومحاربة "طواحين الهواء" إذا تجرأت على التسبب بثلجة أخرى!!
ودائما: السلام على فقرائنا المنذورين وحدهم للبرد والجوع، وانتظار المستحيل.