لا تتوقف إسرائيل عن العمل باجتهاد لاستثمار الحالة العربية والفلسطينية لخلق وقائع جديدة، اسرائيل تصنع بعض المعطيات ولا تتردد في استقبال الهدايا المجانية من العرب والفلسطينيين.
الأسبوع الماضي بدأت تجريبيا سلطات الاحتلال بالسماح للفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية بالسفر الى الخارج عبر مطار رامون في مناطق الـ48، وهذه الخطوة ان اكتملت ستضعف دور الجسور التي يستعملها الفلسطينيون للسفر الى الخارج عبر الاردن منذ عام 1967، وهي الجسور التي أبقى عليها الأردن عاملة خدمة لأبناء الضفة الغربية في فترات كانت كل الابواب مغلقة امامهم للسفر وكان الامر في حينها صعبا على اي فلسطيني ان يدخل بلدا عربيا وعلى جوازه ختم اسرائيلي عبر مطار اسرائيلي.
اسرائيل تقوم بهذا لربط التسهيلات المقدمة للفلسطينيين بها، فابن الضفة يستطيع اليوم دخول معظم دول الخليج عبر اسرائيل وكذلك دول عربية عديدة لديها خطوط طيران مباشر وكذلك اوروبا واميركا وتركيا ودول أفريقية كثيرة دون ان يكون مضطرا لدخول الأردن ذهابا وايابا.
خطوة إسرائيلية سياسية وان ظهرت على شكل تسهيلات، وفك ارتباط سفر ابن الضفة بالأردن وربطه بإسرائيل، وهي خطوة تتم بالتنسيق مع سلطة رام الله التي تحترف الترتيبات السرية حتى قبل أوسلو وربما ترى في العلاقة مع اسرائيل الخيار الافضل حتى لو كان على حساب اكثر العرب تضامنا معها.
والخطوة السياسية الاخرى التي بدأتها اسرائيل منذ سنوات وكرستها مؤخرا هي سايكس بيكو يفصل بين غزة والضفة عندما تركت غزة لانها لم تستطع تحمل كلفة احتلالها، لكن ما جرى بعد ذلك هو الانقسام الذي جاء بعد ان لم يستطع طرفا الحكم في السلطة التفاهم او ادارة علاقتهما، فأصبحت السلطة سلطتين، وبعد تكرس الانقسام ظهرت حقائق جديدة، فعندما تتعرض غزة لعدوان اسرائيلي تواجهه وحيدة، اما السلطة في الضفة فهي تتضامن مثل اي دولة اخرى، وعندما تكون هناك اقتحامات واحداث في الضفة فغزة تتضامن.
والجديد كان في العدوان الاخير وهو ان اسرائيل اصبحت قادرة على تحييد احد طرفي المقاومة في غزة، ولهذا بعثت رسالة لحماس عبر اهل الخير بأنها ليست الهدف، وان القصف الاسرائيلي لن يكون على قادة حماس او مواقعها، وانها ستقصف اهدافا للجهاد الاسلامي، وهذا ما كان فكانت حماس طرفا محايدا عسكريا واكتفت بمواقف سياسية ضد العدوان.
اسرائيل تدرك ان حماس كفصيل مقاتل لديها اولويات تختلف عن حماس عندما تكون حكومة مسؤولة عن حياة اهل غزة والاقتصاد، وان حماس اصبحت لديها معادلة كجهة تحكم سلطة غزة تختلف عما كانت عليه قبل هذا، ولهذا فهي لا تحبذ اي صدام عسكري لانه يصنع للناس في غزة مشكلات حياتية.
قبل شهور استطاعت دولة عربية صديقة لحماس ان تتوصل لاتفاق مع اسرائيل على السماح لحوالي 15 ألف فلسطيني من غزة بالعمل في اسرائيل ومستوطناتها، وهؤلاء يذهبون كل صباح عبر المعبر للعمل ويعود معظمهم مساء، وهو اتفاق اعتبرته هذه الدولة مساندة لحماس في التخفيف من الوضع الاقتصادي الصعب في غزة، وهذا المعبر يتم إغلاقه عند كل عدوان اسرائيلي.
وهذا المعبر هو البوابة الاهم في ادخال المواد المختلفة والوقود لغزة ومع كل عدوان يتم إغلاقه.
اسرائيل لا تترك فرصه لصناعة واقع جديد واولويات جديدة الا استغلتها، فليس مهما ان يتغير الفكر السياسي لأي تنظيم تجاه المقاومة لكن الاهم ان يصبح تطبيق هذا الفكر مكلفا جدا على التنظيم والناس، وليس مطلوبا ان يتخلى اي طرف عن الايمان بخيار المقاومة لكن ان يكون في وضع تتغير في الاولويات والمصالح ويصبح الخيار عبئا على صاحبه.
كيان الاحتلال يصنع سايكس بيكو جديد داخل الضفة وغزة وحتى داخل جسد هذا التنظيم او ذاك.
أخيرا، أشير الى تصريح لمصدر فلسطيني مطلع للزملاء في موقع عمون عن بدء اتصالات سرية بين حماس والادارة الأميركية، اتصالات قد تكون بلا نتيجة وربما تكون بنتيجة خاصة اذا كانت برعاية بعض الأشقاء….
الغد