شحنات عالية من التوتر والقلق والعصبية التي تدور في محيط البيت هو بعض مما يشكو منه الأهل الذين يوجد في بيتهم شاب أو صبية في سن المراهقة... وكلمة المراهقة يرجع مفهومها الى الفعل العربي «راهق» الذي يعني الإقتراب من الشيء، والمعنى يشير الى الإقتراب من النضج والرشد.
المراهقة تعد من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، ومكمن الخطر في هذه المرحله التي تنتقل بالإنسان من الطفوله الى الرشد هي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة الجسمية والفسيولوجية والإنفعالية إضافة الى ما يتعرض له المراهق خلالها من صراعات متعددة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي!.
بعض من حالات اليأس والحزن والألم التي لا يُعرف لها سبب قد تعتري المراهق.. كما ويبدأ نفسياً بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالإستقلالية والإعتماد على النفس وبناء المسؤولية الإجتماعية، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ لأنهم مصدر الأمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي لديه... هذا التعارض بين الحاجة الى الإستقلال والتحرر والإعتماد على الوالدين، إضافة الى عدم فهم بعض الأهل لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق... تجعل بعضهم يعانـون كثيرا أثناء هذه الفترة؛ مما يؤدي الى خلخلة التوازن النفسي للمراهق ويزيد بالتالي من حدة المرحلة ومشاكلها!!.
الدراسات العلمية أكدت أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي تأتي كنتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم، مما يجعل الأبناء يحجمون عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها... وقد أجمعت الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من زي النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر، هو السبيل الأمثل لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة».
الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم هي المفاتيح الأساسية التي تحمي الشاب أو الصبية من الإختلالات المرحلية... فلا بد للمراهق من الشعور بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة، والحب غير المشروط فكلما زاد الحب غير المشروط لأبناءنا زادت فرصة التفاهـم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب.
في بيتنا مراهق... فلنعمل على الإستمتاع بوجود أبنائنا في بيتنا وبيننا في كل مراحلهم العمرية... فبيوتنا لا تعني لنا شيئاً سوى جدران نعيش بداخلها دون نعمة وجودهم قربنا... لذا فلندعو الله جميعاً أن يحفظ لنا أبناءنا من كل شر، فبوجودهم تزدان دنيانا ويصبح لحياتنا طعمٌ حقيقي ولونٌ أجمل!!.
Diana-nimri@hotmail.com
الرأي