عمون .. هل كسبنا الأفكار وخسرنا معرفة أصحابها ؟
د.حسين محادين
06-07-2007 03:00 AM
•عمون باعتقادي ؛ جوانية البنية كمزاج الأردنيين تماماً ولهذا ربما أحبوها وتعاطوا معها بشوق ونهم بهدف الاستزادة مما تبثه ، ولديها ما يبرر هذا من تواصل سريع مع الإحداث وتنوع بأسماء كتابها وبسقف متقدم من الحرية خصوصاً في الشأن المحلي ؛ هذه الحرية الغائبة و الموازية لها عند يومياتنا الورقية؛ تعددية وتسمية للأشياء بأسمائها بما يُشبع تطلعات جُل شرائح مجتمعنا الأردني.أقول جوانية ؛ بمعنى موقعها الجغرافي الكامن على الشبكة الالكترونية و التي تشير الإحصاءات الى ان نسب وأعداد مُستخدميها ما زال واعداً للآن على مستوى الأردن والدول النامية عموما .
فكثيرة هي الأفكار التي يتشربها المتابع الزائر لهذه الصحيفة المميزة سواء على شكل أفكار ريادية او تعدد في زوايا قراءة الإحداث او من خلال ارتفاع سقف المغامرات السجالية طرحا وردود عليها بالمعنى الفكري والإبداعي ،كسلسلة – نشرت من ثلاثة أجزاء باسم -اجياد ادم –. والتي تناولت الحداثة حضوراً في حياتنا رغم غياب الحداثيين ربما؛وقد نُشرت تلك التحليلات الغنية والواخزة للسائد الثقافي على شكل مقالات او أطروحات وحوارات عديدة لطالما بُدأت بكلمة – عمون- في مطلعها ودون ذكر اسم كاتبها او محررها أحيانا.
* وفي نظرة متعمقة على الكثير من التعليقات التي تنشر في متن الموضوعات او الأخبار على هذا الموقع، لا سيما المرتبطة بالقضايا المطلبية الحياتية او القرارات التي ترتبط بإجراء تغييرات في شاغلي المناصب المتقدمة في الحكومة والمجتمع ككل، نجد بأن هناك تعليقات تصل حد اغتيال الأشخاص او حتى وخز وحدة الوطن عبر تضخيم البُعد الجغرافي لمشغلي هذه المناصب وكيفية توزيعها مناطقياً – إضافة الى ارتفاع منسوب المجاملة المفترض ان تكون معقولة على ألا يرتفع مستوى النفاق الاجتماعي من خلالها الى حد مبالغ فيه ؛وكأن المسؤول القادم يحمل عصاً سحرية طليقة سيستخدمها في قراراته المنتظرة وكأن البلد لا يحكمه قانون وقيادة متوازنة مع الجميع ؛ وما التعليقات التي صاحبت تغيير رؤساء الجامعات الاردنية الأخيرة والذين نحترم جميعا مثلاً ببعيدة عن كل متابع ومحلل متوازن الاستنتاج.
وبالتالي فأن هذا النوع من التعليقات المنافقة ربما وخصوصاً بأسماء مستعارة ومن غير المختصين إنما تعمق ضمنا سيادة (الثقافة الجوانية ) لدى أبناء مجتمعنا الأردني المتحول نحو المعيارية العلمية والأدائية المؤسسية كما نفترض لأننا لا نفصح عما يختلج بدواخلنا بوضوح مع غياب أسمائنا الحقيقية هذا من جهة ومن ثانية تشير هذه الممارسات ضمناً الى استمرار السلوكات الاخفائية التي كنا نمارسها عموماً في حقب ما قبل التحولات الديمقراطية بعيد عام 1990 ؛ ولعل النشر الالكتروني ذاته إضافة لاستعمالنا المفرط للهواتف الخلوية أيضا قد شجعا معا على تذويب صدقيتنا القيمية ؛ بمعنى تداخل الصدق كقيمة عليا مع الكذب كقيمة مذمومة اجتماعيا و بالتالي سقوط الحدود الأخلاقية والسلوكية التقليدية بينهما ، إذ لم يعُد صعباً علينا كمستمعين التواطؤ مع أي جالس بيننا وهو يكذب على محدثه عبر الخلوي قائلا انه في باحة المسجد وهو ربما جالس ينفث الارجيلة في كوفي شوب ونحن معه سمّاراً ومتواطئين على إنضاج كذبة ليست بيضاء ؛ ولست اجزم ان كان الحال نفسه ينطبق علينا كتاباً وقراء بأسمائنا المستعارة عندما نقرأ موقفاً او تعليقاً لاحقا قد يصدر من كاتب المقال نفسه بهدف تسويق فكرته ونقيضها علينا نحن القراء كفئة مستهدفة ولكن بأسماء حركة مستعارة.
والسؤال المفتوح على الحوار والإجابة هنا :- هل كسبنا فعلاً أفكارا كثيرة عبر عمون- كنموذج للنشر الالكتروني الذي قد يستخدمه كل مغرض أو صاحب هدف معرفي نبيل في ان_ وخسرنا بذات الوقت معرفة أصحابها رغم أهمية تمييزنا المصاحب لما سبق؛ بأن فكرة موت المؤلف التي أطُلقت افتراضاً- كما هو مجتمع الشبكة الالكترونية بالمناسبة- كانت تهدف الى ضمان درجة معيارية أعلى من الحياد عند تقييم أي نتاج إبداعي معروض علينا الحكم له أو عليه قراء ونقاد وصولاً الى إعادة نسبة الى صاحبه لاحقا كي تُكمل الرؤيا والأحكام استدارتهما نحو الفكرة / الموقف وصاحبها في آن تناصا مع قولة ابي حنيفة الشهيرة ( تحدث لأراك ).
وهذا ما لا قد تحققه الكتابة بأسماء مستعارة كما اجتهد وأن بقيت الحقيقة ضالتنا أينما وجدت التقطناها ؛ ودعونا نتحاور بهدوء ان أمكن .