الأردن: فلسطين حاضرة دائماً
النائب د. فايز بصبوص
11-08-2022 12:20 AM
عند سماع الأخبار المتسارعة والتي تخص فوضى السياسات الدولية، والتي انبثقت منذ ظاهرة كورونا واعطت البعد الانساني اطارا يتطلب تماسكا وتكاملا دوليا، وهي احد اهم المخاطر الصحية العابرة للحدود السيادية للدول، ولم تفرق بين الغني والفقير، وكانت عابرة لكل المحددات المعيارية لدى البشر توالت المشاكل والازمات ذات البعد الشمولي والعام، أي أزمات سيكون لها انعكاسات كبيرة على كل العالم، وهذا ما صنعته الحرب الروسية الاوكرانية لتعمق مفهوم المسؤولية الدولية عن خفض التصعيد لأن انعكاسات تلك الحرب أدت إلى نتائج كارثية ما زالت تتراكم فيما يخص أمن الطاقة والغذاء الدوليين، وما زلنا في سياق المعادلات التراتبية في علاج أزمة الصدام العسكري بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
ظهرت الأزمة الأكثر خطورة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية بعد الزيارة المثيرة للجدل لرئيسة مجلس النواب الأميركي بيلوسي والتي جعلت العالم على حافة صدام آخر ذي طابع دولي بين الصين وأميركا، وهي مسألة غاية في الخطورة إذا ما استتبع ذلك اجراءات صينية تسهدف الولايات المتحدة في المحيط الهادي، وتصعد من الصدام غير محمود العواقب على مستوى العالم.
كل ذلك الاستعراض في إطاره الدولي يسير بتوازن مع أزمات محلية في إقليمنا وخاصة في الدول العربية بشكل عام وازمة تشكيل الحكومة في العراق ولبنان وتونس والسودان.
وهذا كله وهناك الكيان الصهيوني الذي يحاول توظيف المباحثات اللبنانية غير المباشرة مع الكيان الصهيوني إلى وضع اليد على ثروات لبنان في الاطار الاستراتيجي، وإيجاد ثغرة في جدار التطبيع مع الجمهورية اللبنانية من خلال المشاركة في استخراج الغاز من المناطق المتنازع عليها والغنية بثروات باطنية هائلة.
إن تلك الأحداث بتراكماتها غيرت بشكل متعمد أو غير متعمد القضية الفلسطينية وتجاوز الكيان الصهيوني لكل المعايير في حملته الشرسة والمنظمة على الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى مشروعها لتهويد المدينة المقدسة بعد أن نجحت ولو بشكل نسبي في قضية التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، ولكن الهبة الفلسطينية والتي لم تنته قد غيبت من جدول أعمال الإعلام الدولي والعربي، وهي مرحلة لا يمكن أن تعكس نتائجها إلا من خلال فرض الأمر الواقع الذي يطمح له الكيان الصهيوني كاستراتيجية لاستكمال مشروع التهويد وشرعنة المستوطنات ارتكازا على منطلقاته ومبادئه القائمة على سياسة الاحلال والاقتلاع، وتغيير الواقع على مجمل الضفة الغربية واعتبارها مسرحا للعسكرية الصهيونية وانتهاكاتها خارج إطار أي رقابة دولية.
لكن الاردن ومن خلال فهمه العميق لأهمية التركيز على الأحداث العالمية، وخاصة أمام مخاطر تطور بعض تلك الأزمات إلى صدام نووي إلا أنه دأب على ابقاء القضية الفلسطينية كمحور أصيل في مشهده الرسمي والشعبي، لذلك فان المبادرة الأردنية السويدية لعقد مؤتمر خاص في الأونروا للوصول إلى اخراجها من التبعية المالية والتبعية السياسية للأحداث، وذلك من خلال ترجمة مبادرة الأردن والسويد الباحثة عن استدامة تمويل هذه المؤسسة آخذين بعين الاعتبار الظروف الموضوعية والاقتصادية التي تجتاح العالم.
هذا الأصرار الأردني على حل المشكلة المالية لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا هو معبر لا جدال فيه عن الثوابت القيمية الاردنية، والتي في كل يوم تحذر من الامتداد السياسي للقضية الفلسطينية وهو مطلب بات ملحا، خاصة وأن الشعب الفلسطيني قد سئم من الادانات والاستنكار ويطمح الى اداء مغاير على الصعيد الدبلوماسي وخاصة من الدول العربية من اجل تخفيض مستوى العنف التي تنتهجه الصهيونية العالمية وتجليها في دولة الاحتلال، وهو موقف اردني لا يمكن ان يتزحزح وأن تلك المحورية التي تتراكم كل يوم على صعيد المناشدات الأردنية والفلسطينية لدول العالم بأن تغيب القضية الفلسطينية سيشكل بتراكماته ومن خلال الانتهاكات اليومية للكيان الصهيوني لابسط المعايير الدولية سيؤدي الى انفجار اقليمي مسلح لا يمكن التنبؤ بنتائجه.
فمراكمة الانجازات كما هي من خلال اداء عملي والمثال على ذلك الشركة الاردنية الفلسطينية للانتاج الزراعي هي احدى الطرق المتدرجة لرفع يد الكيان الصهيوني عن التحكم في الاسواق الفلسطينية، والبدء بإحلال المنتوجات الاردنية بدل تلك المنتجات الصهيونية هذا هو الحد الادنى من المكتسبات والتي تعبر عن عمق فهم الدولة الاردنية وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني بان مراكمة المكتسبات ستكون حجر عثرة أمام سياسة الأمر الواقع الصهيونية، وهذا بالضبط ما اثنت عليه لجنة فلسطين النيابية.
وبدوري انا اكدت لنائب مدير شؤون عمليات وكالة الغوث في اقليم الاردن السيد كونال دار والذي كان حاضرا في اجتماع اللجنة مع لجنة خدمات مخيم مادبا والذي تم عقده في مجلس النواب بان الاونروا بالنسبة للشعب الفلسطيني رمز من رموز حق العودة علاوة على دورها الخدمي واكدت ايضا ان الاستراتيجية الملكية لتمكين الاونروا ماليا تنطلق من خلال المبادرة الاردنية مع السويد لعقد مؤتمر للدول المانحة من اجل استدامة التمويل المادي.
واوضحت له ايضا اننا في لجنة فلسطين ننتهج اسلوب التكامل والتعاون مع الاونروا في الاردن وان ابرز الثغرات والهفوات هنا او هناك يجب ان تعالج ضمن اطار لقاءات دورية تهدف الى الابقاء على حيوية اداء وكالة الغوث بالتكامل البيني وقد اكد السيد كونال دار بان الاونروا تهدف الى دعم واسناد الجهود الاردنية اتجاه عقد مؤتمر المانحين وهو يقدم الشكر الكبير لجهود جلالة الملك والخارجية الاردنية في هذا المجال.
(الراي)