يُقال في الكلام الشعبي المستحدث: علّمت عليه ..أو ..بده يعلّم عليّ ..أو ..رحنالهم وعلّمنا عليهم ..! وكلما اجتهدتُ لأضع معنىً دقيقاً (للتعليم على)؛ أفشل فشلاً ذريعاً ومن الممكن أيّ مراق طريق بيده (موس كبّاس) أن يشرح لي الجملة ويُعلّم عليّ..!
علّمنا عليهم ..لغة غير مسبوقة في كل مراحل (تطور اللغات) التي عرفتها البشرية ..فهي تنقلك من ركاكة التعبير إلى انفجار اللغة بوجه من تريد..لأنها أصلاً تنقلك على طريقة الأفلام الهندية من حالة الضعف والترنح والمنازعة في الموت إلى حالة فجائية من القوة الغريبة والتي لا تبقي ولا تذر ..
أتخيّل لو كتبنا التاريخ بلغة (علّمنا عليهم)..لصار لزاماً علينا أن نقول: علمنا عليهم في المعركة الفلانية.. ولكن في معركة أخرى ما زال الطرفان للآن يختلفان: مين علّم على مين ..؟
وفي العصر الحديث ..أخذت إسرائيل اللقيطة في سنة 48 أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين رغم أننا علّمنا عليها ..وأخذت البقية الباقية في سنة 67 مع أن تعليمنا عليها لا غبار فيه ولا عليه ..وعلمنا عليها في لبنان ..وعلمنا عليها في كل مجازرها ضدنا ..وأمريكا علمنا عليها في العراق رغم أنها احتلته ..وهكذا دواليك ..
نحن شعوب عربية ليس لنا مهنة إلاّ التعليم على الآخرين رغم هزيمتنا قبل كل تعليم على ....ووصل الأمر بنا من احتراف أننا صرنا نرفض أن يجلس أحد على كرسي جلسنا عليه في قعدة حتى لا يعلّم علينا ..صرنا لا نسمح لأحد أن يقول رأياً مخالفاً لنا لأنه يعلّم علينا ..بتنا لا نتنازل و نعتذر عن خطأ واضح ولا مراء فيه؛ لأن الاعتذار تعليمٌ علينا ..!
يا سادة ..سؤال بحجم اللامحدود: لماذا علّمنا على كل الكون ولم نتعلم بعد ..؟!!
(الدستور)