جميل أن تستضيف الاذاعة الاردنية بين الحين والآخر بعض العاملين في الحقل العام لتحاورهم حول قضية معينة, وكان لي شرف المشاركة في برنامج حواري مدته تسعون دقيقة, بناء على دعوة كريمة من الاستاذ جهاد المومني, وقد سافرت إلى مبنى الاذاعة في أم الحيران بسيارتي قاطعا مسافة تزيد عن العشرين كيلومتراً, وكنت هناك قبل الموعد بربع ساعة, وساهمت في البرنامج, ثم فوجئت أن كل ذلك يتم دون أن تكلف مؤسسة الاذاعة والتلفزيون نفسها بدفع أجر ولو رمزي عن نشاطي هذا, وكأن الذاهب للجلوس خلف الميكرفون لتسعين دقيقة لم يبذل جهداً, أو كأنه نكرة أو باحث عن الشهرة, علماً أن البرنامج لايستضيف غير أشخاص خبراء في المواضيع المطروحة للنقاش, ولرأيهم وزن واضح وإلا لما استضافهم.
قد يقال رداً علي إن حضوري مساهمة وطنية, وهنا نسأل إن كان هناك واحد فقط من العاملين في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون يبذل جهده ونشاطه خدمة للوطن ودون أن يتقاضى أجراً, والمدهش أن المسؤول الاول في هذه المؤسسة إعلامي عريق تقلب في عدة مناصب ويعرف أن الاعلاميين يعتاشون من عملهم سواء كان كتابة مقال, أو متابعة خبر, أوالمشاركة في لقاء, سواء لصحيفة أو محطة راديو أو محطة تلفزيونيه, وأذكر هنا أن أحد الزملاء تولى تقديم برنامج في التلفزيون – وطبعاً كان يقبض مكافأة – وهذا حقه, وكان يطلب منا المساهمة في برنامجه كخدمة للوطن, بالطبع لسنا ضد خدمة الوطن لكننا نطلب فقط المساواة, ولو تنازل جميع مقدمي البرامج الاذاعية والتلفزيونية عن أجورهم لوجدنا تسابقاً هائلاً على المشاركة فيها, أما أن تعتبر ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون أن دعوة الواحد منا للمشاركة بمثابة التكريم الذي يستحق شكرناوعرفاننا بالجميل فذلك ليس أكثر من الجهل بالذات وبالآخرين.
لو كان الضيف مطربة ولو من الدرجة العاشرة لصرفت لها مؤسستنا الوطنية مكافأة ولو كان الضيف ممثلاً مغموراً جاء إلى الاردن لانه لاعمل لديه في وطنه, لكانت أبواب المال الاذاعي والتلفزيوني انفتحت له بكرم حاتمي, في حين يتم التعامل معنا وكأن المسؤول في مؤسستنا الوطنية قادم من صفحات كتاب البخلاء للجاحظ, وأذكر أنه قبل أكثر من ثلاثة عقود طرحنا موضوع مكافاة المشاركين في البرامج الاذاعية, وقد وافق المرحوم ضياء الدين الرفاعي حين كان مديراً للاذاعة على المبدأ, كما أن الاستاذ مروان دودين حين تسلم إدارة الاذاعة تبنى الموضوع, وبحيث كان سهلاً على معدي ومقدمي البرامج الاذاعية استضافة من يرغبون بمشاركتهم في البرامج دون التعرض للاحراج أو الرفض.
مؤسسة الاذاعة والتلفزيون تدفع ثمن المواد التي تغطي مساحة زمنية من بثها, لكنها ترفض الدفع لمشاركين أردنيين في برامجها يغطون بمساهمتهم مساحات زمنية واسعة ومفيدة.
الرأي