بالأمس كنتُ قد نشرتُ مقالا بعنوان "ما كانش العشم" أعتب فيه على وزيرة الثقافة ومدير مهرجان جرش على عدم احتفائهما كما ينبغي بفرقة نادي الجيل الجديد للفلكلور الشركسي خلال مشاركة الفرقة في الدورة السادسة والثلاثين لمهرجان جرش للثقافة والفنون، باعتبار أنّ حفل الفرقة الذي احتضنه المدرج الجنوبي كان بإجماع المتابعين المشاركة الوطنية الأبرز جماهيريا وتنظيما في المهرجان.
بداية أتوجه بالشكر الجزيل إلى وزيرة الثقافة معالي هيفاء النجار على سرعة الاستجابة واهتمامها الشخصي بالمقال المنشور، والى مدير مكتبها السيد أحمد العون الذي بادر مباشرة بالاتصال معي شخصيا، وإلى المستشار الإعلامي في الوزارة الأستاذ حسين نشوان الذي بادر فورا بالاتصال بالزملاء في موقع عمّون.
وفي ضوء هذه الاتصالات، تبيّن أنّ معالي الوزيرة هيفاء النجار ومعالي وزير السياحة نايف الفايز قد حضرا خلال الحفل، وتابعا جانبا من فقراته بمقدار ما سمح لهما وقتهما وارتباطاتهما قبل أن يغادرا، ولكن القائمين على تنظيم الحفل قد فاتهم الإعلان عن حضور الوزيرين، أو الترحيب بهما كما يقتضي العُرف والبروتوكول، أو الاستئذان منهما لتوجيه كلمة ما للحضور والجمهور عبر الشاشة، وبالأخص معالي وزيرة الثقافة، وذلك قبل اضطرارها للمغادرة.
من جانبها، والتزاما منها بأصول الدماثة واللباقة، لم تبادر وزيرة الثقافة بطلب إتاحة الفرصة لها بالكلام ومخاطبة الفرقة والجمهور، حتى لا تتدخل في سير الحفل، وحتى لا تربك التنظيم الذي اختاره القائمون على الحفل لحفلهم.
كما أنّ المدير التنفيذي لمهرجان جرش السيد مازن قعوار قد تواجد خلال جانب من العرض، ولكن مرة أخرى، تسمية سعادة النائب خلدون حينا للقيام بتسليم درع المشاركة بالمهرجان "مندوبا" عن مدير المهرجان قد كان اجتهادا غير موفق من قبل المعنيين.
فأولا مدير المهرجان هو منصب تنفيذي، في حين أنّ النائب هو جزء من "السلطة التشريعية" التي تتولّى من ضمن مهامها الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ولا يستقيم أن يتم تسمية النائب الذي يمثل سلطة مستقلة مندوبا عن شخص اعتباري يمثّل سلطة أخرى وتخضع لرقابتها.
وثانيا، النائب باعتباره نائب وطن منتخب وعضو في مجلس الأمة هو أعلى بروتوكوليا من منصب المدير التنفيذي للمهرجان، ولا يستقيم أن يتم تسمية المنصب الأعلى "مندوبا" عن منصب أدنى منه في الرتبة.
عموما،، في ضوء ما تقدم وبعد توضيح الالتباس الحاصل، وعملا بالأصول المهنية لعمل الصحافة والإعلام، وانطلاقا من "النموذج الحضاري الذي أشرت إليه في مقالي بالأمس، ها أنا انشر اعتذاري إلى وزيرة الثقافة والمدير التنفيذي لمهرجان جرش – ووزير السياحة أيضا – بصفاتهم الاعتبارية، وأجدد اعتزازي واحترامي لهم الذي لم يكن أساسا موضع تساؤل وتشكيك بشخوصهم الطبيعية، وأناشد القائمين على تنظيم مثل هذه الفعاليات في المستقبل، سواء من طرف مهرجان جرش أو فرقة نادي الجيل الجديد الانتباه إلى مثل هذه التفاصيل الإجرائية والبروتوكولية في المستقبل.
ولكن بعيدا عن التفاصيل الشكلية والحيثيات البروتوكولية، ما يزال الأساس هو النشميات والنشامى أعضاء فرقة نادي الجيل الجديد وكافة الطواقم الشبابية التطوعية المساندة، وفي مقدمتهم "فنان البصيرة" الشاب "إبراهيم شوباش"، والذين ما يزالون ينتظرون أن يتم الاحتفاء بهم بما يليق بإنجازهم وإبداعهم، وبما يليق بالصورة المشرّفة التي عكسوها للفن الأردني والتراث الأردني بفسيفسائه الثرية والمتنوعة أمام جمهور مهرجان جرش محليا وعربيا ودوليا.