واقع ريادة الأعمال في الأردن
د. رنيم جوابرة
09-08-2022 03:30 PM
تزداد رغبة الشباب العربي ووعيهم بخوض مغامراتهم الريادية وذلك للإنفكاك من القيود الوظيفية وتحقيق لقب "مؤسس الشركة"، لكن للأسف الواقع الإقتصادي للمنطقة العربية ليس بأفضل حالاته، والبنية التحتية أيضاً لا تسعف رواد الأعمال للتغلب على الصعوبات الإقتصادية وتحديات الواقع المريرة.
تلعب ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً محورياً في معظم الإقتصادات العالمية،وخاصة البلدان النامية حيث تمثل هذه الشركات غالبية الأعمال التجارية في العالم بأكمله وتعمل على تحقيق التنمية الإقتصادية وخلق فرص عمل،ووفقاً لبيانات مسح المنشآت الصادر عن دائرة الإحصاءات الأردنية تشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة حوالي 99.5% من إجمالي عدد المنشآت الإقتصادية في الأردن، وتشكل ما يقارب 60% من إجمالي عدد العاملين في المنشآت الإقتصادية الإجمالية ونستنتج من ذلك أن من أهم أساسيات النهوض بواقع الريادة الأردني هو رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية دعم الريادة من قبل أفراد المجتمع وخلق حس من المسؤولية تجاه المشاريع الريادية وتخصيص جزء من المشتريات والنشاطات لدعم المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات الريادية.
ريادة الأعمال هي إحدى أشكال النشاط الإنساني المتواصل الذي يقع على إحدى نهايته الأنشطة الإبداعية ويقع على طرف النهاية الأخرى الروتين الطبيعي ، وتعتبر الوظيفة الريادية أهم القوى الرئيسية المحركة لإقتصاد السوق ، ولقد تعددت المفاهيم المرتبطة بريادة الأعمال، كالإستحداث والبدء بمشاريع جديدة وإدارتها، ولريادة الأعمال أهمية كبرى في المشاريع والشركات الأردنية حيث تسهم في تطوير الأفكار والذي بدوره يؤدي إلى تحسين الربحية التنظيمية وتعزيز الوضع التنافسي، ونستطيع أن نقول بطريقة أخرى أن ريادة الأعمال تركز على الإبداع والإبتكار لأنها تشكل دافعاً نحو المخاطرة، حيث تتولى الشركات الإبتكارات بدءاً من المنتج والعملية وصولاً إلى التكنولوجيا والإدارة، حيث يشير الواقع الرياي في الأردن إلى الممارسات المختلفة والأنشطة والسلوكيات للرياديين والرياديات الأردنيين عموماً، ويتم قياس هذا الواقع من خلال التعرف على مدى إدراكهم لمحددات الريادة أي العوامل التي تلعب دوراً مؤثراً في تفعيل الريادة في بيئة الأعمال الأردنية، وأبرز الأنشطة والممارسات فيها ومصادر نجاحهم المتنوعة والمختلفة.
الأردن من أول الدول التي منحت ريادة الأعمال إهتماماً كبيراً، حيث أقر مجلس الوزراء السياسة العامة لريادة الأعمال والخطة الإستراتيجية الوطنية للأعوام(2021-2025)، وتم تعميمها على جميع الوزارات والمؤسسات للإلتزام بها، وتهدف السياسة العامة لريادة الأعمال في خطوطها العريضة إلى خلق بيئة صديقة لريادة الأعمال في الأردن، وإزالة كافة التحديات والصعوبات لتعظيم الإمكانات الإقتصادية لمنظومة ريادة الأعمال في الأردن ، وبالتالي دفع عجلة الإقتصاد الأردني والتنمية المستدامة والتشجيع على الإستثمار في جميع الشركات الأردنية، وتبلورت ريادة الأعمال في الأردن أيضاً من خلال مسيرة شركة الصندوق الأردني للريادة التي بدأت بعد تجسيد توصيات مجلس السياسات الإقتصادية الأردني لتأسيسه على أرض الواقع، حيث تتمثل مهمته المباشرة بالإستثمار وتقديم الدعم للشركات الناشئة والمتوسطة وذلك خلال مراحلها الأولى، ويساهم الصندوق بتعزيز روح المبادرة والإبتكار،وتحويل أفكار الشباب الريادية إلى واقع ناجح وخلق فرص عمل لجميع الكوادر الأردنية بتمويل أسهم رأس المال في المراحل المبكرة للمشاريع الوطنية وللفئات الأقل حظاً، أما الهدف الأساسي للصندوق، يتبلور في الإستثمار في جميع الشركات الأردنية وتوفير الدعم الإستثماري لها، لإنشاء أقوى المشاريع في النظام البيئي الريادي في الأردن.ومن الأمثلة على دعم الريادة في الأردن، ما قامت به المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصادية، حيث قامت بتقديم خدمات شمولية في دعم المشاريع الريادية والناشئة والصغيرة والمتوسطة في الأردن، وتشجيعها وتوفير الدعم المالي والفني المتاح لها، وتعزيز تنافسية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، والتركيز على الإبداع الذي يعد من أهم ركائز الريادة في الأردن، إذ تقوم المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصادية على رؤية وقيم جوهرية وهي: الشفافية والشمولية التشاركية المسائلة والتقييم.
وقد إنضم الأردن مؤخراً للدول التي تقدم الرخصة الدولية لريادة الأعمال من أجل بناء وتنمية الشباب الأردني، مهنياً ومعرفياً لتمكينهم من دخول حقل ريادة الأعمال وتعزيز الإتجاهات الإيجابية نحو تأسيس كافة المشروعات الصغيرة في جميع المجالات، وعملت الرخصة الدولية على مساعدة المجتمعات للتحدث بلغة الأعمال والمشاريع الريادية وإستثمار الطاقات لرواد الأعمال وتنظيم العمل الريادي في الأردن.
وقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني على أهمية نشر ثقافة الإبداع والريادة ودعم حاضنات الأعمال في الجامعات والشركات وضرورة تعميم هذه التجارب على جميع المحافظات، وأن يبادر القطاع الخاص للمساهمة في هذه المشروعات، ودعم جلالة الملك عبد الله الثاني كافة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الشركات الناشئة من خلال التشريعات الملائمة، إن بيئة ريادة الأعمال في الأردن انطلقت برؤية ملكية في العام 2000، وتعززت بمبادرة من قبل جلالة الملك ودعمه لتأسيس أول حاضنة أعمال في المنطقة العربية العام 2010 "أويسيس 500"، وعملت الحكومة الأردنية على تعزيز ريادة الأعمال عربياً وعالمياً والعمل على تذليل أي صعوبات تواجهه للحفاظ على نموه ليبقى الأردن نموذجاً ريادياً في العالم العربي.