facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ما كانش العشم!


كمال ميرزا
08-08-2022 02:37 PM

باستثناء مطربي "الفيديو كليب" والأعراس وحفلات الأثرياء الخاصة، يُجمع مراقبون على أنّ هناك حفلتين في الدورة السادسة والثلاثين من مهرجان جرش للثقافة والفنون، ونضع مائة خط تحت كلمتي الثقافة والفنون، قد حفظتا للمهرجان وللمدرج الجنوبي هيبته ورمزيته وماء وجهه:

حفلة الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، وحفلة نادي الجيل الجديد للفلكلور الشركسي!

بالنسبة لحفلة نادي الجيل لا يقتصر الأمر على جمال العرض نفسه، وعلى عراقة ورقي الفن الذي تقدمه الفرقة، وعلى امتلاء المدرج عن بكرة أبيه بالحضور بخلاف الحضور الباهت لحفلات العديد من "الأسماء الرنانة" بصورة اضطر معها المنظمون لفتح أبواب المسرح في بعض الحالات.

لا يقتصر تميّز حفلة نادي الجيل على ذلك فقط، بل يتعداه إلى النموذج الحضاري المميّز الذي جسدته الحفلة بفرقتها وجمهورها.

أكثر من أربعة آلاف متفرّج من مختلف الأعمار حضروا مبكرا، غالبيتهم في حافلات منظّمة تلافيا لخلق ازدحامات وإرباكات مرورية، وبكل رقي وهدوء وانتظام دخلوا إلى المدرج الجنوبي، من دون أن يتسببوا بأدنى إزعاج أو مشقة لأخواتهم وإخوانهم نشميات ونشامى الأجهزة الأمنية، واتخذوا أماكنهم على المدرّج بكل احترام، وفي أجواء عائلية حميمية تعيد التذكير بروح مهرجان جرش الغابرة، بانتظار أن تبدأ حفلتهم.

وبنفس الرقي والهدوء والانتظام كان خروج الجمهور بعد انتهاء الحفلة، مع الحفاظ على نظافة المكان ومرافقه، بكون هذا الفن الراقي الأصيل الذي تابعه الحضور توّا على خشبة المسرح، هو أولا وأخيرا انعكاس لنمط حياة وأسلوب عيش يمارسان عمليا في الحياة اليومية.

بل إن جمهور "نادي الجيل" قد كان له دور في إنعاش فعاليات أخرى ضمن مهرجان جرش، فقبل انطلاقة حفلة نادي الجيل الجديد، غصّ مسرح "ارتيمس" على غير العادة بالجمهور خلال حفلة الفنانة السويدية "كريستين هاجيغارد"، لا بفضل الجالية السويدية في الأردن، ولا بفضل محبي الفن السويدي في الأردن، بل بفضل جمهور حفلة نادي الجيل أنفسهم، والذين حرصوا على القدوم، ومتابعة ابنتهم الفنانة الأردنية المبدعة "بارينا أباظة" التي شاركت "هاجيغارد" الغناء، وأتحفت الحضور بأدائها لأغنيتي "بكتب اسمك يا حبيبي" و"حلوة يا بلدي" باللغتين العربية والشركسية!

بعد هذا كله، كيف تمّ التعامل مع المشاركة المحلية الأبرز في مهرجان جرش؟ لم تتكبّد وزيرة الثقافة أو مدير المهرجان عناء حضور حفلة نادي الجيل الجديد، وقد كانا حاضرين في حفلة الفنانة السويدية قبلها بساعة، لكي يقوم أحدهما كما جرى العُرف بتكريم الفرقة، وتسليمها درع المشاركة في المهرجان أسوة بغيرهم من الفرق والفنانين!

ولولا أنّ سعادة النائب "خلدون حينا" قد بادر بإنقاذ الموقف، وقام بتسليم درع المهرجان إلى فرقة نادي الجيل الجديد "مندوبا" عن مدير المهرجان، لترتب على ذلك حرج كبير، وانتقاص لجهود الفرقة بجميع بناتها وأبنائها الذين يبذلون وقتهم وجهدهم وخلاصة فنهم وإبداعهم بشكل تطوعيّ بحت من دون تلقّي عائد مادي أو انتظار مثل هذا العائد.

والذي يزيد من العتب الذي يفترض أنه على قدر المحبة، أنّ المتابع لنشاط معالي وزيرة الثقافة الحثيث يعرف أنّها لا تدخر جهدا لحضور أيّ فعالية كبُرت أو صغُرت، لفرق أو لأفراد، لمشهورين أو مغمورين، لمحترفين أو هواة.. والاحتفاء بأصحاب هذه الفعاليات وتكريمهم وإبرازهم، فما الذي حدث مع معاليها ومع عطوفة مدير مهرجان جرش في حالة حفل نادي الجيل الجديد؟

يبدو أن حسابات فريق العلاقات العامة والمستشارين الإعلاميين ومستشاري السوشال ميديا والتغريدات الذين يحيطون بمعالي الوزيرة لم تكن موفقة هذه المرة!

علاقة فرقة نادي الجيل الجديد بمهرجان جرش، وبالمثل فرقة النادي الأهلي، هي ليست علاقة تجارة أو زيارة، بل هي علاقة شراكة. والفلكلور الشركسي الذي تقدمه الفرقتان هو فقرة سنوية ثابتة في برنامج مهرجان جرش منذ انطلاقته بما يعكس ثراء وتنوع المشهد الثقافي والفني الأردني وفسيفسائه الغنية.. لذا سنفترض أن "أريحية" الوزيرة ومدير المهرجان إزاء فرقة نادي الجيل هو من قبيل أن النادي وجمهوره هم من "أصحاب الدار"، ومن قبيل "الطمع بالأجاويد"، ومن قبيل "العشم" الذي يتيح لك "أن تلحس العسل كله" حبّا وكرامة!

للمصادفة، في اليوم التالي للحفلة خرجت علينا وسائل الإعلام بتصريحات لوزيرة الثقافة تتحدث عن "أهمية دمج ذوي الإعاقة في المشهد الثقافي والفني الأردني"، ولو أنها حضرت حفلة نادي الجيل في الليلة السابقة لرأت بأم عينيها مثالا حيّا وتجسيدا عمليا ونموذجا يحتذى لـ "فنان البصيرة"، الشاب الأردني "إبراهيم شوباش"، وهو يهزّ بموهبته وفنّه واقتداره جنبات المسرح الجنوبي بفقرتين من العزف المنفرد على آلة الأكورديون (البْشِنَة باللغة الشركسية)، في أداء استثنائي يصلح لتمثيل الأردن ورفع راية الفن الأردني في المحافل العربية والدولية!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :