تصر اسرائيل في كل حرب تشنها على غزة أن تكون شرارتها عملية اغتيال وتصفية جسدية لشخصية مؤثرة في المقاومة تصفها أنها صيد ثمين متجاهلة أن ذلك سيدفع بالأوضاع الى مواجهة جديدة، إذ تشير التقديرات إلى أن طائرة مسيّرة استهدفت القائد العسكري تيسير الجعبري داخل شقة سكنية في برج فلسطين بحي الرمال في مدينة غزة، حيث كان مع أحد مرافقيه.
جاء الاغتيال في ظل جهود مصرية للتخفيف من إثر إقدام إسرائيل على اعتقال قيادي بارز في الجهاد الإسلامي في جنين اسمه بسام السعدي، للأسف تعتقد اسرائيل أن سياسة الاغتيال يمكن أن تؤدي لإنهاء ظاهرة قيادات المقاومة والنشطاء ولا تعلم انها فقط تستبدلهم بآخرين أشد معارضة من الراحلين.
الحرب الأخيرة مفتعلة بكل المقاييس، وتخدم اليمين الاسرائيلي في الانتخابات البرلمانية القادمة في تشرين ثاني، وكلما كانت حصيلة صيدها الثمن اكبر كلما حصدت اصواتاً أكثر، الحرب بالنهاية سوف تتوقف لكن لا احد يعلم كيف، فهذه تعد المواجهة الأولى ما بين الجهاد الاسلامي واسرائيل، نظراً لعدم اقحام حماس بالصراع الأخير بشكل مباشر، حماس ترى نفسها في لب الصراع لكنها داخلياً في موقف حرج، فإجراءات التعبئة التي قامت بها الجهاد الاسلامي على اثر اعتقال احد قياديها في جنين تمت بدون تنسيق معها وهي المسيطر الاول في غزة، وباقي التنظيمات شركاء معها لكن بحصص أقل.
المهم، لن تنجح اسرائيل في زرع الفتنة بين التنظيمين لأن للجهاد فضل كبير على حماس حين كانت حماس الطرف الرئيسي في معاركها مع اسرائيل، ولعل غرفة العمليات المشتركة هي خير دليل على هذا التعاون، لا مجال الآن للعتاب والتقييم، المهم ايقاف المعركة بأقل الخسائر وتلقين الطرف المعادي درساً بالأخوة النضالية بين الفصائل.
ويمكن القول إن هذه الحرب ستؤثر سلباً على الاقتصاد والموسم السياحي بالداخل، وكذلك على الناخب الاسرئيلي، تكفي أن تعلن الصافرات وتذاع عبارة رشقات صاروخية لأن تتزلزل البنية الامنية قاطبة في كل مكان في هذا الكيان الهش والذي يثبت أن غزة ستظل شوكة في خاصرته مثلما هي الوجع الدائم في قلوب الأوفياء للقضية.