يحاول الأردن مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية وذلك بالانتقال إلى «الجيل الخامس 5G للاتصالات» لما له من تطبيقات مفيدة جداً ستُحدِث الفارق في حياتنا والتي سأتطرق لبعضها في هذه المقالة مع الأمثلة.
إن ما يميز الجيل الخامس 5G عن ما سبقه من الجيل الرابع 4G الخصائص التالية: 1) السرعة الفائقة في نقل البيانات وتنزيلها Data Transfer Down load وتصفح الإنترنتInternet Browsing والتي ستصل في أقصاها النظري إلى 20 جيجابت في الثانية 20Gbps)وتتراوح في الواقع بين 10-20 GBPS).
2) تقليل سرعة الاستجابة Latency (استجابة الأجهزة لبعضها) لتصل إلى 1ms (1بالألف من الثانية).
3) نطاق ترددي واسع لأنها تستخدم 3 نطاقات 3Frequency Bands (منخفضة ومتوسطة وعالية), فالأنواع الثلاثة للترددات تخدمها خلايا Cells بهوائيات مختلفة تُستخدَم بناءً على سرعة تنزيل البيانات ومسافة التغطية ومنطقة الخدمة, بحيث تسمح لعدد كبير من الأجهزة من الاتصال ببعضها بغض النظر عن فترة الاستخدام وعدم تأثرها بالكثافة البشرية المنتشرة على رقعة صغيرة, مما يسمح بخدمتهم جميعاً دون أن ينخفض أداء الشبكة من بطء وانقطاع في الاتصال أو تنزيل البيانات, بل ستكون الخدمة التامة على مدار 24 ساعة لأنها توفر تغطية Coverage بنسبة 1?0%، وتؤمن إتاحة الشبكةReliability بنسبة عالية جداً تصل إلى 99.999%, حيث ان الجيل الخامس 5G هو عبارة عن شبكات افتراضية مدفوعة بالبرمجيات التي تستخدم التقنيات السحابية, التي تسهل الوصول إلى جميع الشبكات الخلوية ذات النطاقات المختلفة وكذلك الواي فايWi-Fi6 المعروفة ب(802.11ax) لتبقي على استمرارية الاتصال حتى خارج المباني والانتقال من بقعة لأخرى على اختلاف تضاريسها الطبيعية.
4) استهلاك أقل للطاقة نتيجة تصميم أفضل لأجهزة الاتصال وبالتالي عمر أطول لبطارية الهاتف الخلوي.
لمقارنة فاعلية الجيل الخامس بسرعة تنزيل البيانات مع الجيلين السابقين الثالث 3G والرابع 4G سأسوق هذا المثال: إن تنزيل فيلم بحجم 5 جيجابايت (5GB) سيحتاج بضعة أسابيع باستخدام الجيل الثالث 3G, ويحتاج يوماً واحداً باستخدام الجيل الرابع 4G, في حين يحتاج دقائق للتنزيل باستخدام الجيل الخامس 5G.
ومن تطبيقات استخدام الجيل الخامس 5G ما يلي: 1) التطبيقات الطبية: أ- مراقبة صحة المريض عن بُعد باستخدام شبكة الجيل الخامس 5G بعد ربط أجهزة قياس الضغط، وتخطيط ضربات القلب ECG,والتخطيط الدماغي EEG وغيرها من الأجهزة ليتم مراقبتها ومتابعتها مباشرة من قبل أطباء الاختصاص من بيوتهم أو من المستشفى, أو أثناء نقل المرضى من منازلهم بسيارات الإسعاف المجهزة لهذه الغاية, خصوصاً إذا كانت مسافة نقلهم للمستشفى بعيدة, لأن تدخل الطبيب من المستشفى أو من منزله من خلال تطبيق طبي على هاتفه يمكنه من إنقاذ أرواح العديد من المواطنين أثناء نقلهم إلى المستشفى خصوصاً إذا كانوا في وضع حرج.
ب- العمليات الجراحية من خلال مشاركة أطباء من منازلهم أو أي مكان يتواجدون فيه، لدعم الفريق الطبي الذي يجري العملية, أو من خلال استخدام الروبوتات التي تمكن الربوت من محاكاة الأجهزة الأخرى بأسرع وقت ممكن أثناء إجراء العملية الجراحية باستخدام تقنيتين الذكاء الاصطناعي AI وتقنية إنترنت الأشياء IoT.
ج- إرسال العيادات المتنقلة Mobile Clinics بكافة الاختصاصات المرتبطة بالمستشفى أو بطبيب الاختصاص لتقوم هذه العيادات بمعالجة المرضى من مناطق تجمعهم البعيدة.
2) مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن: تمكن القادة في غرف العمليات والقيادة والسيطرة من مشاهدة الحدث مباشرة من خلال الكاميرات الذكية وإعطاء الأوامر للمرتبات على خطوط التماس، واستخدام كبسات الأزرار للتدخل المباشر من خلال توجيه الروبوتات الموجودة على أرض العمليات والطائرات المسيرة Drones سواء بإطلاق النار للقضاء على الأعداء أو منعهم من الوصول إلى مناطق حساسة أو حدودية، باستخدام تقنيتين الذكاء الاصطناعي AI وتقنية إنترنت الأشياء IoT.
3) إصلاح أو تحديد الأعطال لكل من المركبات الحديثة أو الأجهزة الكهربائية الموجودة في منازل العملاء أو أي مكان تتواجد فيه عند تعطلها, عن طريق استخدام تقنية إنترنت الأشياء IoT بحيث تمكن الفنيين من منازلهم أو من ورشهم باستخدام اللوح الإلكتروني Tablet من تشخيص العطل، وتتبع أداء الجهاز أو المركبة وإصلاحهما بواسطة استخدام البرامج من خلال السحابة المحوسبة, وإعطاء الأوامر والتحكم وتغيير الضبط Set up للأجهزة أو أجزاء منها لإصلاح الأعطال.
4) معالجة الاختناقات المرورية: تمكن غرف العمليات وخوادمها من مراقبة الطرقات أو بإدارة بشرية ناجحة لتقليل الاختناقات المرورية ووضع البدائل والحلول، وتكون في العادة مبرمجة تلقائياً باستخدام خوارزميات معينة عن طريق الاتصال المباشر مع المركبات وخصوصاً في وقت الذروة أو عند وقوع الحوادث, والتحكم بالإشارات الضوئية من خلال مشاركة المعلومات مع المركبات أو التدخل لحل المشاكل المرورية باستخدام البرامج الحاسوبية والسحابة المحوسبة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
5) المدن الذكية: تمكن من معالجة البيانات من حافة الشبكة (Intelligent Secure Edge(ISE دون إرسالها إلى المركز مما تسرع في معالجة البيانات وخصوصاً تلك التي لها علاقة بالكاميرات الذكية والمجسات والحساسات وتوجيه الطائرات المسيرة التي تنقل البريد, والمركبات ذاتية القيادة التي تنقل المواطنين والبضائع داخل هذه المدن.
6) الأداء الأفضل للسيارات ذاتية القيادة من خلال تفاعلها على الطرقات وتسريع الاستجابة للأحداث مما يضمن السلامة التامة على الطرق.
7) الأداء الأفضل لألعاب التسلية الفردية أو الجماعية على الإنترنت خصوصاً إذا شارك أكثر من شخص في اللعبة كل من مكان تواجده في منزله.
8) الأداء الأفضل للمؤتمرات الفيديو واستخدام المساعدات التعليمية والعرض وإتاحة الفرصة لعدد كبير للمشاركة.
9) خدمة أفضل لعملاء البنوك من خلال استخدام البنوك الإلكترونية, والتي تمكن العملاء من الوصول إلى حساباتهم وتزويدهم بالمعلومات وإجراء العمليات المالية المطلوبة وتبادلها مع البنوك والعملاء الآخرين باستخدام التقنيات السحابية وتبادل الاتفاقيات والعقود المضمونة بوساطة البنوك باستخدام سلاسل الكُتل Block Chain.
10) التطبيقات العملية لمساقات في الجامعات للكليات العلمية ومراكز التدريب المهني من خلال المختبرات لتمكين جميع الطلاب من المشاركة من منازلهم أو من جامعات أخرى مما يعزز التعليم عن بُعد والحصول على أدق النتائج, إضافة إلى مشاريع التخرج لطلبة الهندسة والطب والزراعة والعلوم في الجامعات لمشاركتهم النتائج المباشرة مع أساتذة الجامعات وطلاب آخرين من جامعات أخرى, لما يصب في مصلحة المشروع والبناء الصحيح عليه للحصول على أفضل النتائج, لنرى في المستقبل القريب المشروع الواحد يعمل فيه مجموعة طلبة من عدة جامعات أردنية بمساعدة عدة أساتذة مما يُعزز فرص الإبداع والحصول على نتائج جديدة قد تتحول إلى مشاريع قابلة للتطبيق تجارياً.
11) التسوق الذكي وتمكين الزبائن من استخدام برامج تمكنهم من شراء ملابسهم ومقتنياتهم باستخدام الواقع الافتراضي VR.
12) أداء أفضل للاتصال وتنزيل البيانات داخل التجمعات الكبيرة (الملاعب, الصالات, الاحتفالات والمناسبات....) 13) تسهيل إجراءات التداول بالأسهم من بيع وشراء من المنازل لتصبح العميلة كلها آلية من خارج الأسواق المالية.
14) مساعدة المهندسين المعماريين لعرض مخططاتهم وإبراز مجسمات البيوت والمصانع والفلل والمنشآت للعملاء من منازلهم للوصول إلى أفضل تصميم باستخدام الواقع المعزز Augmented Reality والواقع الافتراضي Virtual Reality, إضافة إلى مساعدة المهندسين المشرفين على البناء والمقاولين للتنفيذ الصحيح بأقل كُلفة والتسليم المبكر.
لقد كان لي الشرف بمشاهدة إطلاق تجربة الجيل الرابع 4G(LTE) في السويد عام 2010 وكذلك تجربة الجيل الخامس 5G في الولايات المتحدة عام 2016, ومن المتوقع إطلاق تجربة الجيل السادس 6G العام القادم 2023 التي سأتشرف بحضورها أيضاً.
مما سبق نجد أن دخول تقنية الجيل الخامس للأردن سيختصر الوقت والجهد ويسهل الإجراءات على المواطن والمسؤول والمستثمر، وخصوصاً إذا تواكب ذلك مع الانتهاء من التحول الرقمي الكامل الذي بدأنا به قبل سنوات, وكلنا أمل أن يشهد عام 2025 بداية لنهضة تكنولوجية جديدة في الأردن باستخدام الجيل الخامس وتطبيقاته, فالمرحلة القادمة التي ستمر على الأردن ستكون صعبة من الناحية الاقتصادية، لذلك وجب علينا اللحاق بالعالم وتحسين تصنيفنا في التكنولوجيا وتطبيقاتها ومخرجاتها, لأن التكنولوجيا هي التي ستُنقذ الاقتصاد, وهذا يستدعي تعيين مسؤولين ذوي اختصاص وخبرة وكفاءة للإسراع بهذه النهضة ولمجاراة القطاع الخاص والعمل معه بتشاركية.
(الراي)