الشراكة بين القطاعين العام والخاص
م. حمزة العلياني الحجايا
07-08-2022 10:37 AM
يعتبر الأردن رائداً في فتح سوق شراكات البنية التحتية بين القطاعين العام والخاص(PPPs) للقطاع الخاص، والتحول من الإنفاق في الميزانية العمومية على إنشاء البنية التحتية إلى الشراكات طويلة الأجل. ولذلك سعت المملكة لادخال العديد من الإصلاحات الاقتصادية لتعزيز نمو الأعمال وخلق فرص العمل من خلال تعزيز الإطار القانوني للمستثمرين والاقتراض.
يقدر البنك الدولي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستحتاج إلى استثمارات تتراوح بين 75 و 100 مليار دولار سنويًا على مدار العشرين عامًا القادمة لتلبية احتياجاتها. والان يتم تطوير ما يصل إلى 242 مشروعًا من مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 223 مليار دولار لبناء وتوسيع البنية التحتية في قطاعات الصحة، والتعليم، والتعدين، والنقل، والطاقة، والطيران، والسياحة، والبيئة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. لذلك تحتاج الحكومة أن تدمج مبادئ التنمية المستدامة ESG/SDG من خلال عكس القوانين واللوائح مع مشاريع قابلة للتمويل والتمكين للحصول على شراكات ناجحة ومستدامة.
استقطب الأردن أكثر من 9 مليارات دولار من الاستثمارات من أكثر من 30 صفقة شراكة بين القطاعين العام والخاص منذ عام 2004. وتفتخر المملكة بالمشاريع ذات المستوى العالمي مثل تمويل مطار الملكة علياء الدولي ومحطة حاويات العقبة، فضلاً عن العديد من المشاريع في مجالات المياه والطاقة المتجددة.
حيث تجاوز رصيد رأس مال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الأردن نسبة 22٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ما يقرب من ثلث محفظة استثمارات القطاع العام من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص بحلول عام 2015، مقارنة بـ 6٪ فقط في المتوسط للاقتصادات الناشئة حسب صندوق النقد الدولي. لسوء الحظ ولعدة عوامل، انخفض حجم تمويل الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي بدء من 2018، وهو أدنى مستوى له منذ 2011.
تؤثر تكاليف الأعمال المرتفعة على تنافسية وجاذبية القطاع الخاص الأردني في جميع المجالات، مما يعوق النمو السريع للاقتصاد. تعرفة الكهرباء للقطاعات الإنتاجية أكثر من ضعف متوسط التعريفات في المنطقة وأوروبا. علاوة على ذلك، فإن النقل مكلف بالنسبة للجودة التي يتلقاها المستخدمون، خصوصا في قطاع السياحة وخدمات النقل بالشاحنات.
معظم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص تم تمويلها من خلال بنوك ومؤسسات دولية، حيث تم الحصول على 5٪ فقط من النظام المالي المحلي. في الوقت نفسه ، لا يزال الاستثمار المحلي في البنية التحتية صغيرًا نسبيًا لكل من صندوق استثمار الضمان الاجتماعي (SSIF) والبنوك، حيث تظهر إحصاءات البنك المركزي الأردني أن الخدمات والمرافق العامة تمثل 14.5٪ فقط من إجمالي دفتر القروض المحلية.
ولذلك تحتاج الحكومة إلى معالجة كلف الانتاج العالية وكذلك التمويل لتطوير فرص تمويل البنية التحتية بالعملة المحلية والاستفادة من المستثمرين المحليين لسد الفجوات في المشاريع المستقبلية التي يصعب تحقيق الاستدامة المالية فيها، مثل مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه (AAWDC) .
يدرك الأردن أن تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية مع توليد نمو يقوده القطاع الخاص أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنوع الاقتصادي. على مدى العقود الماضية، خطت المملكة خطوات واسعة في إنشاء نظام بيئي تجاري جذاب ونجحت في ترسيخ نفسها كوجهة مفضلة لمختلف الصناعات، وقامت الحكومة بتحديث قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (القانون رقم 17 لعام 2020) لتعزيز جهود الاستثمار.
أيضا عززت المملكة هذه المساعي من خلال إصلاحات تشريعية لسهولة ممارسة الأعمال التجارية لتكون واحده من عشرة دول محسّنة في تصنيف EDBI حيث حصل الأردن على المرتبة 75 من أصل 190 بحلول نهاية عام 2020، وهذا سيحفز المنافسة القوية في السوق بين الشركات لزياد الابتكار وخفض التكاليف وزيادة الكفاءة وزيادة الإنتاجية.
تحسين كفاءة الاستثمار دفع الحكومة لإنشاء وزارة الاستثمار ونقل وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. لكن يلزم بذل جهود أخرى لتعزيز القدرات المؤسسية وتخصيص الموارد المهنية لإدارة عملية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يتطلب فريق ذو مهارات مالية وقانونية وتقنية قوية تدير عمليات دراسات الجدوى والعطاء والتقييم والاختيار والتنفيذ العادلة والشفافة ضمن إطار زمني واضح لضمان الحصول على الاستثمارات عالية الجودة، وتعزيز الجدوى المالية والحوكمة للكيانات السيادية الفرعية، إضافة لذلك يجب ان تساهم الحكومة في دراسة ومشاركة المخاطر الاجتماعية والأمنية للمشاريع والتي يمكنها إدارتها بشكل أفضل من مستثمري القطاع الخاص.
(*) عضو مجلس ادارة شركة إدارة الاستثمارات الحكومية
الدستور