لغز البيضة أولاً أم الدجاجة؟
بسمة العواملة
07-08-2022 10:19 AM
منذ كنا اطفالا ونحن نسمع بالجدل الدائر حول أيهما أسبق بالوجود الدجاجة أم البيضة؟، وكنا نقرأ آراء المفكرين والفلاسفة حول هذه الجدلية، حتى تكونت لدينا قناعة مفادها أن في هذه الحياة الكثير من الجدليات التي تحاول الوصول الى مدى أهمية مسألة بمواجهة مسألة أخرى، قد تبدو اكثر او اقل اهمية .
لا ادري ربما من باب الشيء بالشيء يذكر، تذكرت الجدل الذي أثير بين عدد من المهتمين بالشأن السياسي في إحدى الفعاليات التي كانت تحت عنوان مفاده ضرورة تشجيع الشباب على الإنخراط في الحياة السياسية، وحثهم على الإنتساب للأحزاب، هالني ما سمعته من إحدى الشابات من خلال طرحها لتساؤل مشروع، و هو كيف لمن لا يجد قوت يومه، او لمن لم يوفق في إيجاد فرصة عمل على الرغم من حصوله على الشهادة الجامعية أن نقنعه وندفعه للإنخراط في الحياة السياسية؟، وهنا قفز الى ذهني ذات السؤال، أيهما أولى بالبدء في الإصلاحات، هل نبدأ بلإصلاح الإداري السياسي أم بالإصلاح الإقتصادي؟، كيفما نظرت للأمر تتملكك الحيرة، فكما الحقوق لا تتجزأ كذلك الإصلاحات، فهي تمثل منظومة متكاملة تسير بطريق متوازي للوصول الى الهدف الأشمل ألا وهو تحسين المستوى المعيشي للمواطن من خلال الإستثمار الناجح لموارد الدولة، وخلق فرص عمل وإيجاد حلول ناجعة لمشاكل الفقر والبطالة من خلال إعداد برامج قابلة للتطبيق ، تحمي مصالح كافة شرائح المجتمع وتراعي الواقع الإجتماعي للدولة الأردنية وليس بالإعتماد على برامج مستنسخة ومنقولة عن تجارب لدول أخرى.
ولعلنا نجد الإيجابة عما أُثير من إختلاف، بأيهما اولى في البدء بالتطبيق ، من خلال الفهم العميق للآية الرابعة من سورة قريش، بعد بإسم الله الرحمن الرحيم .. ( الذي أطعمهم من جوعِ وآمنهم من خوفٍ )، فالأية اشارت الى أهمية تأمين الأحتياج الاقتصادي للإنسان و تبعه تأمين الإحتياج الأمني ، فكلاهما حاجة إنسانية ضرورية لا غنى عن أي منهما، فعدم توفير فرص العمل و التعليم الجيد والطبابة و غيرها من حقوق أساسية، حتماً سينعكس سلباً على الحقوق السياسية، فكيف سيتحقق الوعي السياسي للإنسان ما دام مهدداً بالجوع و الفقر، وكيف له أن يفاضل بين برامج حزبية وعقله مشغول بتأمين مصاريف عائلته وتأمين لقمة عيشه، كيف لنا أن نطالبه بممارسة حقه باللإنتخاب وليس في جيبه ما يسد به إحتياجاته الأساسية وليست الكمالية، وقد قيل قديماً (لا تتخذ قراراً و أنت جائع ) لأن قرار الإنسان و هو تحت تأثير الجوع سيكون قراراً غير مدروس، نابع من حاجته بالحصول على منفعة فورية بوقت أقل، تماماً كما يحدث في اوقات الإنتخابات، فنجد ظهوراً قوياً للمال الاسود وتزيد ظاهرة بيع الأصوات كذلك، فقبل أن نعدل المسار السياسي الإنتخابي علينا أن نعمل على تصحيح وتعديل بالمسار الإقتصادي لدفع عجلة الإنتاج وتحقيق مستوى معيشي لائق من خلال ايجاد حلول ناجعة لمشكلتي الفقر و البطالة، بعكس ذلك سنبقى كمن يحفر في الماء.