تمضي دولة العدو الصهيوني في مخططاتها، غير آبهة بأحد، وخصوصاً مطمئنة إلى أن أحداً غير قادر، دع عنك أنّه غير راغب في إغلاق الحساب معها، بعد «إنجازاتها» السياسية وخصوصاً في اتِّكائها على ترسانتها العسكرية الضخمة، وهنا علينا أن نتذكر غطرسة يائير لبيد مجرم الحرب «الجديد» الذي يرأس حكومة تل أبيب الانتقالية, عندما قال إنّ دولته «تمتلك قدرات أخرى» من شأنها ردع أي قوة تحاول المساس بأمن الدولة العنصرية، مُثمِناً ما قام به مجرم حرب التطهير العرقي الأول/ديفيد بن غوريون عندما أنشأ لجنة الطاقة النووية الصهيونية, بعد أربعة أعوام فقط على إعلان قيام دولة الصهاينة على أنقاض الشعب الفلسطيني ووطنه، قائلاً لبيد: هذا الأمر «تطلّب الكثير من الجهود حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم».
ثُنائي الإجرام الذي يقود الحرب الراهنة على قطاع غزة لبيد/غانتس, يُوظف سفك دماء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة المحتلة, من أجل حفنة من مقاعد الكنيست في ظل معركة انتخابية محمومة تبدو حتى الآن أكثر خطورة وحسماً, إن لجهة المستقبل السياسي لأكثر من شخصية سياسية في دولة العدو أم خصوصاً لمحاولة تغيير موازين القوى بين المُعسكريْن المتنافِسيْن, رغم كل التباينات حدود العِداء بين مكونات كل منهما, الأول اليميني الفاشي الاستيطاني الذي يقوده نتنياهو, المُكوَّن من الليكود والصهيونية الدينية وحزبي شاس ويهدوت هاتوراة، والثاني الذي استقر على مكوناته الرئيسية التي شكّلت الائتلاف الهجين الذي قاده لعام مضى نفتالي بينيت, وها هو لبيد يواصل قيادة المرحلة الانتقالية حيث لا يجمع شتات هذا الهجين الغريب الذي يجمع بين أقصى اليسار وأسوأ الأحزاب الفاشية, شعار «إلّا بيبي» أي كراهية نتنياهو والعمل على عدم عودته رئيساً للحكومة.
عودة إلى محرقة غزة الجديدة
بكسرها قواعد التهدئة التي سادت منذ معركة سيف القدس أيار/2021 واغتيالها القيادي في حركة الجهاد الإسلامي/تيسير الجعبري، أكدت حكومة العدو أنها «مُخلصة/ووفِيّة» لسياساتها المعروفة, منذ أن احتلت ركناً في المشهد الإقليمي, بأنّها لا تقيم وزناً لأحد في المنطقة وخارجها, ما دامت على قناعة بانّ زعيمة «العام الحر المُدافعة عن قِيم الديمقراطية وحقوق الإنسان» تقف الى جانبها مُكررة الاسطوانة المشروخة (هي وأوروبا الديمقراطية جداً) بأنها تدعم «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» ضد «الجماعات الإرهابية التي أزهقت أرواح مدنيين أبرياء»، وهو ما سارع متحدث مجلس الأمن القومي الأميركي/جون كيربي الى قوله.
هنا لا تعير واشنطن أهمية لـ«الحقائق» التي تحدثت عنها إسرائيل نفسها بانها هي التي قامت باغتيال كبير الجهاد الإسلامي, وقتلت أطفالاً ونساء إضافة إلى أفراد من عائلة الجعبري، وهي/واشنطن صرفت النظر عن ذلك بتواطؤ مُعلن عن إعلان تل أبيب مُواصلة استهداف الجهاد الإسلامي لمدة أسبوع مُقبل, وأنها «لن تُوقف هجماتها على القطاع, ولن تقبل أي وساطات, وأنّها خصوصاً مُستعدة لكل السيناريوهات».
على رؤوس الأشهاد يتحدث مُجرِمو تل أبيب غير آبهين بأحد, وأن القوة وحدها هي سبيلهم لفرض أجندتهم للإبقاء على الائتلاف الاستيطاني/العنصري في سدة الحكم, كونه يحظى بدعم إدارة بايدن, أعلن الأخير بوضوح «دفن حل الدولتين» مُحيلاً الفلسطينيين على محطة انتظار, عليهم أن يتمنّوا «نزول» السيد المسيح/عليه السلام.. فيها، لأنهم بـ«طلبهم» منه/بايدن الحصول على بعض حقوقهم, إنما يطلبون «المعجزات» تلك التي لا يستطيع أحد تحقيقها سوى عيسى بن مريم/عليه السلام.
ماذا عن التهدئة والوساطات/والضمانات الإسرائيلية التي حصل عليها الوسطاء العرب؟
لا أحد يتحدّث فيها وعنها.
هل سألتم عن الأمم المتحدة التي يرأسها الرجل (القلِق جداً) المنحاز بلا تردد للرواية الصهيونية.. مستر غوتيرش؟
نحيلكم إلى التصريح «المثير» الذي أطلقه المنسق الأممي الخاص للسلام في الشرق الأوسط/ تور وينسلاند مساء أول أمس/الجمعة, عندما لفت إلى أن التصعيد المستمر خطير جداً، مضيفاً، حفظه الله ورعاه, أنّه «يجب وقف إطلاق الصواريخ على الفور», وبغرض الثرثرة ليس إلا، قام بدعوة «جميع الأطراف» إلى تجنّب المزيد من التصعيد.
استدراك: يطيب لكثيرين تكرار مقولة الرئيس المصري الأسبق (حسني مبارك) بأنّ المتغطّي بالأميركان.. عريان. وهي مقولة مبتورة ساذجة/مُفلِسة, وحتى يكتمل المعنى كان علينا أن نُضيف «إلّا إسرائيل».. فهي تعيش في دفء وبحبوحة هذا الغطاء الأميركي مُتعدِّد الطبقات.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي