لم يعد خافيًا على أحد في العالم، سواء كان مع القضية الفلسطينية أو مع الاحتلال الصهيوني، أن دماء الشعب الفلسطيني ورقة يستعملها الإسرائيليون المحتلون في كل انتخابات ينوون إجراءها، ففي كل مرة، يضطر هؤلاء إلى انتخابات برلمانية جديدة نتيجة أزماتهم الداخلية تبرز الورقة الفلسطينية باستخدامها في الصراع على أصوات الإسرائيليين، حتى القادة الموصوفون إسرائيليا بالضعف كلبيد رئيس الوزراء الحالي، يحاولون استغلال ورقة الدم الفلسطيني لتحقيق إنجازات في الانتخابات.
أمس ودون مبرر، شنت إسرائيل هجومًا على غزة، واستباحت طائرات الموت والدمار لديها الفلسطينيين هناك قتلًا وتدميرًا، وكما كل مرة، وقف الفلسطينيون في غزة وحدهم في مواجهة آلات القتل الصهيونية، واكتفى العرب ببيانات الاستنكار والشجب على استحياء، وإرسال المساعدات الطبية التي لا تغني عن قتل ونزف دماء.
كثير من هؤلاء العرب الا من رحم ربي، باتوا يتمنون أن يبتلع البحر ما تبقى من فلسطين وبالذات غزة، حتى يريحوا رؤوسهم من القضية الفلسطينية التي أصبحت عند الكثيرين منهم عنوانًا بلا معنى، وأكثر من ذلك، فهناك العديد من دول العالم بات تفاعلها مع القضية الفلسطينية أكثر فائدة وفعالية من العرب أنفسهم.
منذ أن أصبحت القضية الفلسطينية تخضع لحسابات السياسة العربية، فقدت أهميتها عند الكثير من الأنظمة العربية وأصبحت تشكل عبئًا عليهم يسعون للخلاص منها.
من جديد تقف غزة وحدها في مواجهة إسرائيل وبطشها، ونفاق أمريكا وانحيازها المفضوح، ولا يخجل القادة الأمريكيون من إعلانهم أنهم يقفون إلى جانب إسرائيل في قتلها لأطفال غزة وتدمير البيوت على رؤوسهم وأهليهم،بحجة الدفاع عن أنفسهم!!
حتى ولو كان كثير من العرب لديهم حساسية تجاه المقاومة في غزة، من المفروض عندما يسيل الدم، أن تسقط كل الحسابات والحساسيات، في سبيل الوقوف لجانب الأشقاء في غزة وعموم فلسطين.
لقد بات الموقف العربي إزاء ما يحدث في غزة، وكل فلسطين، عنوانًا مرفوضًا عند الشعوب العربية التي باتت تستسخف بيانات الاستنكار الفارغة التي لا تعبر إلا عن ضعف ومحاولة رفع حرج، وكثيرا من الأحيان بعضًا من تآمر.
اليوم من جديد، تدفع غزة أولًا ثمن الحسابات العربية التي لا وزن لها عند الإسرائيليين وحلفائهم، ولم يعد لها وزنًا عند الفلسطينيين أنفسهم، ولا في العالم كله، فقد أصبحت كلها بائسة، ثم تدفع غزة ثمنًا للعبة الانتخابات الإسرائيلية، لكن الصمود فيها والإيمان الراسخ بأن الله تعالى يقف مع المستضعفين المظلومين، سيحسم المعركة وإن كثرت الجولات، وستنكشف الوجوه البائسة التي تختبئ خلف تعاطف كاذب بات مكشوفًا.. ونفاق دولي لم يعد يخفى على أحد..