الإصلاح الاداري بين دعابة العناني وعقلانية الرئيس الخصاونة
السفير الدكتور موفق العجلوني
03-08-2022 03:55 PM
اطل علينا معالي الدكتور جواد العناني بمقال بعنوان:" الإصلاح الإداري : اوقفوا هذه الدعابة " منشور في عمون الغراء يوم امس٢/٨/٢٠٢٢ يقول فيه : " رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة رجل عاقل، ولكنه قليل التجربة، ينوي أن يفعل الصواب، ولكن نواياه تجد طريقا إلى المجهول، وقد ثبت هذا بالدليل الواضح من الخطة التي طرحت قبل أيام للإصلاح الإداري.
يضيف الدكتور العناني :هذا غيض من فيض، وخطة الإصلاح الإداري تثير مخاوف الموظفين، وقلقهم على مستقبلهم، والخطة كلها قرار حكومي يمكن عكسه من حكومة أخرى، ما قرأناه لا يسر، بل زادني شخصيا خوفا من خوف على مستقبل عملية الاصلاح برمتها إذا كان أحد اركانها، وهو الاصلاح الاداري، يعالج بهذه الطريقة العشوائية.
من المعروف ان الدكتور العناني صاحب خفة روح ودعابة، ولكن يبدو ان دعابته هذه المرة تختلف عن كل الدعابات السابقة. و لا يستطيع المرء عندما يقرأ او يستمع لدعابات الدكتور العناني الا ان يتفاعل معها ... سلباً ام ايجاباً ، فما بال المرء عندما تتعلق هذه الدعابات بالحكومة و بالذات برئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونه الذي يواصل الليل بالنهار من اجل اتخاذ الإجراءات و الخطوات اللازمة للإصلاح الإداري .
و هنا استوقفني الدكتور العناني عند منعطفات حادة في طريق الإصلاح الإداري و خاصة ان طريق الإصلاح الإداري اصلاً متعرج و يعاني من مطبات كثيرة في ضوء الخطط غير المنسجمة للحكومات السابقة و التي ساهم فيها معاليه ، و التي كانت بكل اسف تقوم بعملية ترقيع للحفر و المطبات التي اصابت عملية الإصلاح الإداري ، فأوتوستراد الإصلاح الإداري يحتاج الى إعادة تأهيل لا عملية ترقيع و هذا الامر لن تستطيع حكومة الدكتور الخصاونه او أي حكومة قادمة إصلاحه في سنة او سنتين او حتى عشرة ، وانما يحتاج الى رؤىة استراتيجية تنتهج من خلال اتباع الاستراتيجية التي رسمها جلالة الملك في الاوراق النقاشية السبعة من خلال جهد حكومي صادق و جهد شعبي متفهم وواع للتحديات التي تواجهها المملكة و تحيط بها غرباً و شمالاً و شرقاً و غرباً . يقول الدكتور العناني :
إذا كان المقصود بالإصلاح الإداري هو تفكيك بعض الوزارات او فك ارتباط بعض المؤسسات، او دمج بعضها، فهذا ما جربناه في الأردن طوال اربعة عقود، رأينا خلالها تراجعا في الأداء، وهبوطا في الإنتاجية، وارتفاعا كبيرا في كلف الحكومة، على دافعي الضرائب.
الحكومات السابقة ومنها الحكومة الحالية، لم تقدم لنا ولا سببا واحدا مقنعا بأن اجراءاتها الإدارية مبررة، أو شرحوا لنا كيف تخدم هذه الترتيبات الاداء الحكومي، أو كيف تنسجم هذه المقترحات غير الفذة مع رؤية "٢٠٣٣" وتساهم في إنجازها.
يجب أن ينصب الإصلاح الإداري على معالجة الخلل في الطاقة الاستيعابية والمعرفية للدوائر والموظفين، وكيف تطور اداءهم وقدرتهم على خدمة الناس وتطوير سلوكهم، ومنع الفاسدين منهم عن تناول قضايا الناس، وتشجيع المتميز منهم.
يجب أن ينصب الإصلاح على تحديد الأهداف الاستراتيجية الأساسية للرؤية الاقتصادية، وبناء المنظومات الإدارية القادرة على تحقيق تلك الاهداف وانجازها.
يجب تبني استراتيجية الإصلاح الإداري بحسن اختيار أفضل لمن يعملون في العمل العام، ووضع شروط لمن يستحقون الترقية، ووضع مواصفات واضحة لمن يتولون المناصب الإدارية في الدوائر والوزارات الحكومية.
كان علينا أن نضمن عمل المؤسسات والوزارات والدوائر ذات العلاقة بطريقة تعظم طاقتها، لا تنهك قواها وتبدد انسجامها، وتتحول إلى صوامع متفرقة، لا علاقة لها ببعضها البعض مما يخلق ازدواجية في العمل ونكدا ليس له حدود على المواطنين افرادا ومؤسسات.
هذا غيض من فيض، وخطة الإصلاح الإداري تثير مخاوف الموظفين، وقلقهم على مستقبلهم، والخطة كلها قرار حكومي يمكن عكسه من حكومة اخرى.
ما قرأناه لا يسر، بل زادني شخصيا خوفا من خوف على مستقبل عملية الاصلاح برمتها إذا كان أحد اركانها، وهو الاصلاح الاداري، يعالج بهذه الطريقة العشوائية.
الرجاء أن توقفوا هذه الدعابة، وأن تعيدوا النظر فيما أنتم قادمون عليه..
ربما اختلف مع استاذي الدكتور العناني، فالرئيس الخصاونة لديه مجلس وزراء مكون من ٢٨ وزيراً ولديه مستشارين و معاونين و يتطلع لتحقيق رؤيا جلالة الملك في الإصلاح الإداري، و هنالك مجلس امة نواب وأعيان هم ايضاِ مراقبين للحكومة و مستشارين، والدكتور الخصاونه كما عرفته و زاملته ٣٠ عاماً في وزارة الخارجية صاحب عقل نيير و تجارب متعددة رجل ديمقراطي و منفتح على الجميع و من بيت سياسة و قانون و دبلوماسية عريقة ، و حسب معرفتي له عن قرب فهو يؤمن بـ " و امرهم شورى بينهم ،و شاورهم في الامر.
أما الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من تفكييك وتركيب و فصل و دمج، لا بد ان تخرج الحكومة و تبين للقاصي والداني على الساحة الأردنية ما تعنيه الحكومة من هذه الإجراءات و التي جاءت بناء على بحث معمق و دراسة مستفيضة ، علاوة ان نسمع وجهة نظر الحكومة على ما جاء في دعابة الدكتور العناني ، فهو من " قرامي" الحكومة وعقولها المفكرة و المدبرة ، و اكثر من ساهم في مسيرته الحكومية في عملية الإصلاح الاداري و ينطبق علية القول " المؤمن اذا اجتهد فأصاب فله ٢ ....واذا اجتهد فأخطأ فله ١ ....." حتى لو كان خارج الحكومة الان ( وأعتقد أن استاذي معالي أبو أحمد لديه نوايا "دعابية" ... يتطلع لتولي منصب رئيس وزراء!!! ) .
دعابة الدكتور العناني " خطيرة" و هي ذات حدين، و بالتالي ننتظر رداً من الحكومة على ما دغدغ به الدكتور العناني عواطفنا و عقولنا و تفكيرنا واصلاحنا الإداري . و سوف ينطبق على الدكتور الخصاونه في الإصلاح الإداري ما انطبق على رؤساء الوزاء السابقين: اذا اجتهد المؤمن فأصاب فله اجران ، و ان اجتهد المؤمن فأخطأ فله اجر واحد ...!!!
ندعوا الله ان يكون الرؤساء و المرؤوسين والوزراء و المستوزرين و النواب و الأعيان و امن ابتلت بهم الامة من ... ان يكونوا من المؤمنين و ان يكون الإصلاح الإداري في صالح هذا الشعب القابض على جمر النار ... و تحمل ارتفاع أسعار البنزين.
و ختاماً " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" صدق الله العظيم .
muwaffaq@ajlouni.me
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية