يبدو أن الولايات المتحدة الامريكية لم تتعلّم من المضمار الروسي_الاوكراني، أو أن الدمار الحاصل في كييف حاليا لم يعيد ترتيب الافكار في عقل صانع القرار الامريكي، فالحلبة باتت غير مستقرة والمصارعون أصبحوا كثر، فالبعض يرى في ما تقوم به واشنطن ضررا كبير لها، هي التي تنزل شيئا فشيئا عن عرش القطب الاحادي الذي تربّعت عليه لسنوات، لماذا تقوم الآن بزعزعة عرشها بقراراتها لتقحم أقطاب أخرى في عرشها، لماذا تقوم بتعكير الماء الصيني الراكد، لماذا تهدي تايوان على طبق من ذهب للتنين الصيني؟.
هذه هي السياسة، فهي عالم من اللامفهوم والمفهوم الوحيد به هو أن الانسان البسيط هو من يجني ثمار هذه السياسات، فالورقة الصينية هي السرطان الذي سيقضي ما إن يستشري على الشريان العالميّ ، من سِلم و اقتصاد و نظام معروف و متعامل به...
البعض يؤمن بنظرية مفادها أن لا حروب عالمية ستحدث مطلقا وزمن الحروب والجيوش الزاحفة قد ولّى، والبعض الاخر يذهب لنظرية أن الحرب متى ما وقعت، ستكون حربا سريعة، مدمّرة، قد لا تستغرق ساعات معدودة، لكنها تستطيع أن تعيد دول بأسرها للعصور الحجرية، وفي سباق الاسلحة، أغلب الدول الغربية باتت متطورة و تمتلك أسلحة نعلم مدى قوّتها و أسلحة قد لا نستطيع تخيّل التكنولوجيا التي تعمل بها لشدة حداثتها...
لكن ما ندركه متأكدين أن تايوان ليست أوكرانيا، وبأن الصين ليست روسيا، فالصين قد لا تصبر وتتعامل بحكمة كما فعلت موسكو وقد تكون قد تعلمت الدرس الروسي الذي يقوم " أمريكا ومعها الغرب، تهديد ووعيد بلا تنفيذ، ووعود حماية بلا تنفيذ أيضا "، ولكن يبقى السؤال ، هل تعلّمت تايوان من صرخات زيلينيسكي شيئا ، هل فهمت الدرس؟.
هل اقتنعت أن امريكا قد لا تفي بوعودها و تتركها في منتصف الطريق بلا انقاذ ، أم أن وعودا بأشكال جديدة قد طرحت كسيناريو حرب و تلقّفته تايوان ببلاهة مطلقة؟.
ما نحن متأكدين منه كشعوب ، أن العالم أمام إنعطاف سياسي غريب و خطير و قد يكون مدمّر ، قد تسقط بلحظة العملات و يصبح الذهب من مواد البناء و الحدادة ، اللاتأكد البيئي و السياسي و الاقتصادي المتسارع و الذي يعيشه الكوكب هو نتاج تصارع قوى ، و منافسة مختبرات و معامل اسلحة ، من منهم سيغلب ؟ من منهم سيرضخ للآخر ؟ لا نعلم ...
لكن ما نعلمه كوطن عربي أننا للأسف أشغلنا أنفسنا بتفاصيل تافهة جعلتنا نعيش في انتظار فتات القرارات و بواقي التنازلات..