البدائل عن الاسلاميين في البرلمان
نبيل غيشان
21-09-2010 03:28 AM
لم يسفر حوار رئيس الحكومة مع حزب جبهة العمل الاسلامي عن تراجع الاخير عن قراره بمقاطعة الانتخابات رغم اللغة الناعمة التي استخدمها الطرفان كل لتحصيل مكاسب سياسية على طاولة الحوار. الاجواء كانت ايجابية ولطيفة بشهادة الطرفين حتى ان الخبر الذي بثته الصحف القريبة من الحكومة لم يختلف في عناوينه او محتواه عما كتبته صحيفة السبيل المقربة من جماعة الاخوان المسلمين.
هل كانت مصادفة? طبعا لا, لان الحكومة ووفد الحركة الاسلامية اتفقا على صيغة الخبر الذي ستبثه وكالة الانباء الرسمية عن اللقاء, ولم يشأ الطرفان ان يختلفا لان مساحات التفاهم كانت كبيرة في الحوار ولو ان الحركة الاسلامية حصلت على مثل هذا الحوار الرفيع المستوى قبل شهر لختلفت الصورة, وهو خطأ يتحمله رئيس الحكومة شخصيا.
لكن الاسلاميون ايضا لم يكن بمقدورهم الاستدارة 360 درجة بعد التعبئة الاعلامية الكبيرة التي اتبعتها خلال شهرين ضد قانون الانتخاب والتشكيك بنزاهة الانتخابات, الامر الذي ادى الى تمسكهم بفكرة تأجيل الانتخابات وتعديل القانون الذي قابله طرح حكومي "المشاركة في الانتخابات وتعديل القانون من تحت قبة البرلمان".
الحكومة والاسلاميون حققا اهدافهما الحكومة حاولت استغلال فرصة اللحظة الاخيرة لثني الاسلاميين عن قرار مقاطعة الانتخابات النيابية والاسلاميون كانوا بحاجة الى حوار الحكومة علها "تنزلهم عن الشجرة" لكن مطالبهم كبيرة وثمنها صعب.
الان بات واضحا ان الاسلاميين ماضون في مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة ورافضون الفكرة التي عرضها رئيس الحكومة بالمقاطعة الهادئة والراشدة من خلال ترك القرار الفردي للانصار بالمشاركة او المقاطعة من دون توجيه وتحشيد مركزي ووقف عملية التحريض على العملية الانتخابية ترشيحا وانتخابا او تشكيكاً.
اذاً ما هي البدائل المطروحة امام الحكومة في ظل غياب الاسلاميين?
هناك من يستعيد تجربة انتخابات 1997 ، عندما قاطعت الحركة الاسلامية الانتخابات, حيث يقول البعض ان الحكومة ساعدت او غضت الطرف عن نجاح بعض الحزبيين, فهل هذه الفكرة مطروحة?
لا اعتقد انها جديدة فالحكومات يجب ان لا تمانع او تقف حجر عثرة امام نجاح شيوعي او يساري في البرلمان, لان الفرص قليلة ولا تؤثر على تركيبة المجلس النيابي التي هي باغلبها لنواب اخرجتهم قواعدهم العشائرية وباتوا ينتظمون في كتل كبيرة غير بعيدة عن مرمى حجر الحكومات.
البديل امام الحكومة واحد, هو ان تجري انتخابات حرة ونزيهة تقنع 90 بالمئة من الاردنيين مرشحين وناخبين في شفافية الاجراءات وحياديتها , وهذا ما صبغ اجراءات الحكومة لغاية هذه اللحظة, حيث انتهت عمليات التسجيل والنقل والاعتراض التي قادتها دائرة الاحوال المدنية والقضاء الاردني بكل اقتدار.
لكن المشكلة اليوم هي عودة الثقة في الاجراءات الحكومية اللاحقة, وهي عمليات الاقتراع والفرز? حيث تمكنت الحركة الاسلامية من حشد الرأي العام نحو "شيطنة" المواقف الحكومية, وبات الناس غير واثقين من حيادية الحكومة, وهنا يأتي دور الحكومة في إعادة بناء وترميم سمعتها التي اهتزت في الانتخابات النيابية الماضية, والاثبات بانها ستجري انتخابات ضمن مواصفات عالية, لان الاجراءات اهم من القانون.
ان المعارضة في حدودها السياسية حق للناس في المجتمعات الديمقراطية, لكن على الحكومة ان تكف عن ارتكاب "الحماقات" من عيار"زيادة اسعار الاعلاف والتراجع عنها", لان مثل تلك القرارات تصب في مصلحة اشعال الحرائق واعطاء الاخرين وقودا لمعاركهم.
لا يختلف اثنان على ان المعارضة السياسية حق للناس في كل المجتمعات الديمقراطية.
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم