في آخر أيام حياتها سُئلت الصحفية والروائية الفكاهية الأمريكية الشهيرة إيرما بومبيك التي حققت شعبية واسعة, لو عاد بك الزمان هل ستكون حياتك مختلفة عن الحياة التي عشتها؟ هل ستتغير اختياراتك وقراراتك؟ وهل من شيء أنت نادمة عليه؟
أجابت : لو أُعطيت فرصة ثانية للحياة.. سأراها.. سأحياها.. سأجربها.. سألمس كل لحظة فيها.
فماذا لو أُعطيت أنت فرصة ثانية للحياة؟ ماذا ستفعل؟؟
بدايةً أجابت بومبيك بأنها غير نادمة على أي شيء فعلته ثم تراجعت وقالت لو عادت بها الحياة ستراها وتحياها بطريقة مختلفة ستحياها بالحضور الواعي, بفهم الأولويات والتفريق بين المهم والأهم, ذَكرت أموراً ربما لا يعتبرها بعضهم مهمة أو من الأولويات لكنها وفي أيامها الأخيرة أدركت مدى أهميتها, قالت أنها كانت ستعبّر عن مشاعرها لمن تحبهم ,وتعتذر لمن أخطأت بحقهم ,ببساطة ستنصت جيداً لمن يحدثها , تمرح مع أولادها على الحشائش و التراب دون أن تخشى من البقع أو اتساخ الملابس , تحضن أولادها مهما كانت مشغولة في العمل إذا ارتموا في أحضانها , تأوي إلى فراشها إذا شعرت بالإرهاق وتهتم بصحتها أكثر,سوف تضيء تلك الشمعة غالية الثمن وتستخدم الأواني التي كانت تدّخرها دائماً للضيوف ,قالت أنها كانت ستنصت أكثر لحكايا جدها عن طفولته وشبابه ,وانها لن تهتم كثيراً برأي الآخرين وستفتح نافذة السيارة وتستمتع بالهواء صيفاً حتى لو فسدت تسريحة شعرها ,لن تهتم كثيراً أو تشعر بالإحراج إذا جاء أصدقاؤها وكانت الأريكة متسخة أو ألوان السجادة باهتة ,وقالت أنها لن تشتكي التعب خلال فترة حملها لكنها ستحياها كمعجزة إلهية ,وأنها كانت السبب بخروج روح جديدة إلى هذا العالم .
كيف يمكن أن تتغير نظرتنا للحياة إذا لمسنا كل لحظة فيها, إذا استمتعنا بكل حدث – السعادة تكمن في التفاصيل -,كأن نستمتع بتربية أطفالنا في كل مرحلة دون أن ننتظر المرحلة التالية , وأن لا نلقي بالاً لكثير من كلام الناس وأفعالهم ونلقيه خلف ظهورنا فرضا الناس غاية لا تدرك ,أن لا نقيّم الناس حسب مظاهرهم وثمن ساعاتهم وأن ننظر لقلوبهم ,ماذا لو قلنا شكراً لكل شخص مهما كان ما قدمه لنا شيئاً بسيطاً , أن نريح أعصابنا بالابتعاد عن الأشخاص السلبيين والمملين قدر الإمكان, وكم سنشعر بطعم الحياة إذا تركنا هواتفنا وتفاعلنا مع من حولنا ,كم سنشعر بجمال هذا العالم عندما نشاهده بعيوننا لا بكاميرات هواتفنا .
يقول ستيف جوبز رئيس مجلس إدارة شركة آبل الذي توفي عن عمر ستة وخمسين عاماً بسرطان البنكرياس بعد أن جمع ثروة تقدر بسبعة مليارات دولار, يمكن للمرء أن يقتني أشياء مادية كما يُحب ولكن هناك شيئاً واحداً لا يمكن العثور عليه عند فقده هو الحياة.
لو أُعطيت فرصة ثانية للحياة ...كيف ستحياها ؟