دمج المؤسسات .. قراءة مغايرة
عصام قضماني
20-09-2010 07:12 PM
أخذ موضوع دمج المتشابه في الأهداف من المؤسسات المستقلة في ردود الفعل بعدا غير ذلك الذي أراد تحقيقه وهو ضبط النفقات وتناغم العمل وغير ذلك من الأهداف الإجرائية , فهل كان إنشاؤها خطأ ؟.
الاعتقاد السائد أو الذي صور من أن المؤسسات المستقلة أو بعضها على الأقل شكلت جزرا لا تخضع لسيطرة أو رقابة , ولد نتيجة السقف العالي الذي وضعته سواء في الأهداف التي ترمي الى تحقيقها أو في الإنفاق أو حجم المشاريع التي خاطبتها والتسهيلات التي منحتها حتى أن الظنون بالغت لدرجة إعتبرت ما تفعله هدرا لمقدرات الدولة بأبخس الأثمان ومثال ذلك المناطق التنموية , فإلى أي مدى كان ذلك التصور دقيقا ؟.
لا نملك الإجابة عن ذلك , إذ يفترض بالحكومة التي أنشأت هذه المؤسسات وعادت لتدمجها أن تمتلك تحليلا كاملا يتضمن إجابات عن كل تلك التساؤلات .
في فترة ما شاعت فكرة إنشاء هيئات مستقلة الهدف بقوانين خاصة , الهدف منها منحها إستقلالية تتجاوز فيها البيروقراطية لجعل القرار الاستثماري أسرع وأكثر مرونة , حتى تجاوز عدد هذه الهيئات والمؤسسات 65 مؤسسة .
اليوم تعيد الحكومة النظر في هذه المؤسسات والهيئات وتسعى لدمج المتشابهة منها , والهدف هو توفير النفقات , بعد أن بلغ مجموع إنفاق هذه المؤسسات التي تكاثرت الملياري دينار , وباتت إيراداتها لا تغطي نفقاتها فتفاقم عجزها على حساب جسم الموازنة الأصلي , لكن أحدا لم يقل أن تأسيس هذه المؤسسات كان خطأ .
صحيح أن بعض المؤسسات المستقلة لم تشكل إضافة نوعية الى آلية العمل بل على العكس فقد شكل وجودها إعاقة للعمل ولم تفلح في تحقيق أهدافها ولم تنجح في المهمات المسنودة اليها فشكلت عبئا ماليا , وغدت كما لو أنها فصلت لجسد مشوه , وإستنزفت إيراداتها ومخصصاتها في رواتب لجيش جديد من الموظفين والخبراء والمفوضين وأعضاء مجالس الادارة ونفقات أخرى لم تتجاوز الشكل , لكن بعضها شكل نموذجا حقيقيا للنجاح , في العمل وتحقيق الهدف من إنشائها وقد حققت من الإيرادات ما يفيض عن حاجتها .
في بلدان كثيرة تتولى هيئات الحكم المحلي المنتخبة بالتنسيق مع الادارات الحكومية فيها مهمة تحديد الاحتياجات ووضع الخطط وإعداد الموازنات, مثل هذا الأسلوب وجد طريقه في الأردن في فترة ما عندما تقرر
منح المحافظ صلاحيات تنموية إضافة الى واجباته الادراية والأمنية , إلا أن مركزية الادارة المرتبطة بالحكومة المركزية في جانبي التخطيط والانفاق, أعاقت في كثير من الأحيان تحقيق نجاحات فيه.
المتحمسون لأسلوب التخطيط المركزي لا يرون في المناطق التنموية حلا لمعيقات تسريع القرار وتحديد مواطن الضعف والقوة في المناطق المهمشة , فمن وجهة نظرهم يمتلك التخطيط المركزي نظرة شمولية ولا ينظر الى مصالح ربما تكون متضاربة أو ضيقة ويأخذ بالاعتبار تكاملية الخطط وتناغمها لكنه بالمقابل يغفل بدقة حاجات وتطلعات وأفكار أبناء المناطق حول ما يناسبهم في مواقعهم , المهم هو تكريس مبدأ المشاركة الفاعلة لأبناء المحافظات في التخطيط للتنمية , بغض النظر عن صيغ تحقيق ذلك بعيدا عن « فزاعة « سلخ المناطق عن محيطها أو خلق هيئات فوق المساءلة أو تشتيت جسد الحكومة المركزية بغية إضعافها .
qadmaniisam@yahoo.com.com
الرأي