علّمونا أنّ الروح من أمر ربي! وأنّ الله هو من يحيي ويميت! هو من يخلق الروح، وهو من ينتزعها! والله تعالى هو من يُحيي ويميت، ولكن سمعنا أنّ هناك من يدعي نزع الروح!
ربما جاءت العبارة على لسان أحدهم في سوْرة غضب، وهذا شعور إنساني مفهوم، لكنّ صاحبه لم يزل متمسّكًا بهذا الدور: نزّاع الأرواح!
ولنكن موضوعيّين؛ فقد جاءت هذه العبارة في نطاق "من ينزع هُويّة الوطن فإننا ننزع روحه"! وفي الحماسة الوطنية قد يقال مثل هذا الكلام! فالذي يسيء لهويتنا يستحق ذلك من وجهة نظر صاحب هذه النظرية. فالوطن كما علمونا هو أعزّ ما نملك - مع أنه ليس كذلك من وجهة نظر د. العريان في مصر-فالهُويّة أيضًا هي الأغلى!
ومن هنا جاءت نظرية نزع الروح! المهم، أن نتفق على ما ينزع الهُويّة لنحدد من ستُنزعُ روحه:
١-هل من يؤيد حقوق المرأة ومساواتها، وكرامتها هو نازع لهُويّتنا ومستحق لنزع الروح؟ وهل من يؤيد تنظيم العلاقات داخل الأسرة نازع لهُويّتنا؟ وهل من يؤيد دعم البنات في الأسرة مخرّب للهُويّة؟
٢-هل من يؤيد حقوق الطفل مخرّب للهُويّة؟ وبهذا المعنى فإن الحكومة الأردنية أو ديوان التشريع، أو ومجلس النواب الذين يمكنهم دعم القانون، والكتاب والناشطون المؤيدون لقانون حق الطفل، وحتى الأطفال المنتهكة حقوقهم هم من نازعي هوُيّتهم ومستحقي نزع الأرواح؟
٣-هل من يلبسون ملابس غير إسلامية ولا يتقيدون بها شكلًا ولونًا وموديلًا هم من فئات مهددة بنزع الروح؟
٤-هل المدارس المختلطة والتعليم المختلط ضدّ هُويّتنا، وتستحق ما يستحقها مدمّرو هوُيّتنا؟
٥- ماذا عن مهرجان جرش، ورئيس الوزراء ووزيرة الثقافة، ومدير المهرجان والآلاف من زواره؟ وإذا وزير الأوقاف لم يسلم، فما بالك بوزيرة الثقافة غير المحجّبة؟ ماذا عن مهرجان الفحيص وحفلات العقبة؟
كم من شخص ستنزع روحه! فيا حفّاري القبور تهيأوا! أمامكم عمل شاق!
٦-ولا أدعو بالسلامة لكل من خالف هُويّتهم، وذهب إلى دور السينما ومعارض الفن، ورياضة البنات!! الله أكبر بنت أردنية بملابس الرياضة تركض أمام الناس! ماذا بقي لنا من هُويّتنا؟
٧-وهل من يهاجم التطرّف وخطابهم واختطافهم لنا هو مخرّب للهُويّة! هل من يختلف عنهم مهدّد بنزع الروح.؟
هل من يدعو للاحتكام للقانون نازِعٌ لهويتهم؟
وأخيرًا، الهُويّة لا خلاف عليها كقيمة ورمز، لكن ما هُويّتهم؟
وهل هي الهُويّة كما يحددها القانون والثقافة ؟ أم الهُويّة التي يحددها حزب أو جماعة؟
أنا شخصيّا أرى أن نزع الأرواح فكرة داعشيّة بامتياز! وأن هذه الفكرة خطيرة جدّا، وأرجو أن تنزعج منها الحكومة التي طالما دعمت نازعي أرواح البشر وما زالت! وإلّا كيف نسمع مثل هذه التهديدات، وكيف يفتخر بها أصحابها!
هذا ليس تحريضًا ضدّ أحد! لكن لا يجوز أن نبقى رهائن لمن اختطفنا برعاية حكومية!
إذا كانت الحكومة تؤيد نزع الأرواح فتلك مصيبة، وإن كانت تخاف نازعي الأرواح فالمصيبة أعظم!