الإصلاح وسيادة القانون في الحديث الملكي
27-07-2022 12:14 AM
رسائل مهمة واضحة للجميع حملها الحديث الملكي لصحيفة الرأي الأردنية، والتي يجب أنْ تكون نبراسا تهتدي به كافة مؤسسات الدولة والمواطن على حد سواء.
سيادة القانون في مضامين النطق السامي هي المظلة التي تحمي مسيرة الديمقراطية والإصلاح في الأردن وعنصر أساسي لإحداث التنمية والتطوير، ومن هذا المنطلق، أولى جلالته محاربة الواسطة والمحسوبية والفساد بأشكالها كافة أولوية خاصة، داعياً جميع مؤسسات الدولة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة للقضاء على هذه الظواهر الدخيلة علينا.
مبدأ سيادة القانون الذي جاء بشكل واضح في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله، هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. لذا فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون.
فالتصور الذي قدمه جلالة الملك لمفهوم الإصلاح الشامل هو اطار متكامل لجميع المبادئ التي تشكل جوهر الدولة في مئويتها الثانية و ليس هناك أي تصور يمكن أن يعبر عن ضمير صادق كما عبر عنه ايمان جلالة الملك بالمبادئ الراقية قولا وعملا لوطنه.
أولا- الإصلاح الشامل المنشود بالعموم والذي يلبي طموح الأردنيين لا يمكن أن يترسخ إلا بتطبيق مبدأ سيادة القانون، وهي مفهوم أخلاقي يقوم في جوهره على مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والشفافية، ودون ذلك يبقى الحديث عن سيادة القانون عبثاً مفرغاً من محتواه وضربا من الخيال؛ ذلك أن سيادة القانون تشكل هندسة الأخلاق الوطنية التي تتيح الاستجابة للتضحيات الوطنية في العمل المخلص، والانتماء والشهادة وكل القيم الإنسانية الجميلة التي ترسخ مفهوم المواطنة ومن قبلها الوطنية التي تحفظ للوطن كبريائه وللعلم مكانته.
ثانيا–جاء الحديث الملكي بهذه الصراحة والشفافية للرد على المشككين ومثيري البلبلة على المجتمع الأردني، لذا تحدث جلالته بأفكار تبعث على التفاؤل بالمستقبل المشرق الزاهر، فالدولة القوية هي التي تسعى إلى تنفيذ وتطبيق القانون على الجميع بالتساوي، ولا تعني الدولة المستبدة، وأن المجتمع القوي ليس المجتمع الذي يتطاول على القانون بل هو المجتمع المدرك تماما لحقوقه وواجباته وإذا لم يعجبه قانون فيسعى لتطويره وتعديله من خلال مؤسساته التشريعية والأطر الدستورية.. «فالقانون هو الفيصل».
ثالثا–أعاد الحديث الملكي مجدداً أن الاصلاح الشامل ضرورة وطنية وليس ترفا ولا مجال الا بالاستمرار به، ما يتطلب تضافر الجهود والعمل بين مختلف الأطراف المعنية في اطار تكامل الادوار للوصول الى الهدف المنشود.
رابعا–يجب أن تترافق هذه التوجيهات الملكية مع اصلاح اقتصادي يتضمن تطوير التشريعات الاقتصادية وتحفيز البيئة الاستثمارية وتعميق الشراكة مع القطاع الخاص بما ينعكس على سوق العمل من حيث إيجاد فرص جديدة للشباب ومحاربة الفقر والبطالة.
خامسا–مصالح البلاد مقدمة على كل شيء، واستقرار الحكم يقف في مقدمة المصلحة الوطنية العليا وليس هناك ما هو مقدم على استقرار البلاد.
ان مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون وحكمه، مساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة، ولكن في الوقت نفسه يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية، وهذا يتطلب أن يكون تنفيذ الآليات ورفع مستوى ادائها والمتمثلة بالقوى البشرية سليماً.
فالدولة الحديثة التي تؤمن بالتعددية والتنوع والقانون وسيادته، وفيها الجميع متساوون تحت سقف الوطن بغض النظر عن الأصل والفصل والعرق واللون، هي التي تحمي المجتمع والأفراد.
حزمة التحديث السياسي في إطار سيادة القانون وتطبيقه هي مشروع سياسي أراده الملك لإعادة هيكلة المسار السياسي للدولة وإحداث نقلة نوعية فيه، لا يمكن وضعه في الادراج عدة سنوات كما يريد البعض.
(الراي)