أكثر أنواع الكتابة صعوبة، هي التي تحاول أن تنقل وجعا ما، بكل ما يمكن من تفاصيل حارة فيه، والأكثر صعوبة أن يكون الوجع وجع أم، والكلمات عاجزة وقاصرة..لكنها كل ما نملك.
باختصار، هي رسالة من أم أردنية، وصلتني في الغربة البعيدة، لأعيد تحويلها تساؤلات أطرحها على مكتب وزير الصحة، وتتعلق بأدوية مرض التصلب اللويحي، وهو مرض صعب جدا، يصيب الأنسجة المتعدّدة وهو مزمن ويؤثّر على النظام العصبي المركزي، ويمكن أن يتسبّب بعديد من الأعراض، من بينها تغيّر في الإحساس، ومشكلات بصرية، وضعف عضلات، وكآبة، وصعوبات في المشي، وإعياء حادّ، وضعف إدراكي، ومشكلات في التوازن، وارتفاع درجة الحرارة مع كل ما يرافق ذلك من ألم يعانيه المريض.
وزارة الصحة، وحسب أرشيف التصريحات الرسمية في الصحف، أكدت أنها تعمل على توفير الدواء باهظ الثمن في مستودعاتها الطبية وبمستشفيات الأمير حمزة والبشير، ووزير الصحة شخصيا استقبل ممثلين عن حالات مصابة بالمرض الخطير مطلع حزيران الماضي، وأكد أمامهم وأمام الإعلام بما نصه :» أن الوزارة تعمل عبر سلسلة من الإجراءات على توفير سبل الراحة للمرضى وتوفير علاجهم بانتظام وتقديم الخدمة الطبية لهم دون مشقة أو معاناة.»
إن كلمة سلسلة من الإجراءات تحديدا، هي التي تبعث على القلق، لأن الإجراءات تفاصيل، والشيطان يكمن في التفاصيل، ومريض التصلب اللويحي لا يملك ترف الانتظار أمام الإجراءات، لتكون النتيجة ونحن أمام حالة مرضية متفاقمة بطبيعتها، عدم توفر الأدوية في مستودعات المستفيات الحكومية التي حددتها وزارة الصحة، رغم توفرها بسعرها الباهظ والذي يبلغ الثلاثمائة دينار للإبرة الواحدة، في مستودعات مستوردي الدواء.
الوزير وعد «حسب نص مؤرشف في الصحف» باستحداث عيادتين متخصصتين في التعامل مع مرضى التصلب اللويحي، وهذا كلام جميل يستحق الإشادة، لكن الدواء يا وزير الصحة هو الأهم، وتوفيره يصبح أولوية ما قبلها أولوية، خصوصا أمام توجيه ملكي سام بتوفير العلاج المجاني لهذا المرض الصعب.
الأم التي أرسلت الرسالة الموجعة عن حالة ابنها الشاب، أكدت أنها وصلت إلى الاتصال مع مورد الدواء المحلي، وقد أكد المورد توفر الدواء بكميات كافية لديه، مضيفا أمام دهشة الأم، أن وزارة الصحة هي التي لم تطلب الدواء، مما يضطر المصابين إلى محاولة شرائه بأي طريقة على سعر السوق، وهو سعر يزيد الوجع وجعا، ويضاعف الهم، مع ملاحظة أن طبيعة المرض تستوجب الاستمرار في تعاطي دوائه، والانقطاع عنه يفاقم الحالة، والعلاج يتطلب سنوات شاقة من الانتظام العلاجي.
هي رسالة حملها البريد الإلكتروني مختصرة الجغرافيا البعيدة، وأعيد إرسالها إلى وزير الصحة، مشفوعة بخاتم الأولوية القصوى.
Malik_athamneh@hotmail.com
الرأي