هل قانون الطفل بحاجة الى كل هذا الجدل!
المحامي صخر نايف الصبيحي
24-07-2022 05:41 PM
دارت مؤخراً نقاشات في أوساط مجلس النواب في الجلسة والناشطين والمحامين والخبراء القانونيون حول مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 حيث تم عرض مسودة مشروع القانون في الجلسة التي عقدها مجلس النواب في دورته الاستثنائية التي عُقدت يوم الأربعاء الموافق 20/7/2022 بحيث أحال مجلس النواب مشروع القانون إلى لجنة مشتركة من لجنتي المرأة واللجنة القانونية لغايات مناقشة مسودة مشروع القانون ولإبداء الرأي حوله والتعليق على مواده.
بدايةً اود ان أُشير بأن الدستور الأردني ومجموعة التشريعات والقوانين الأردنية قد اشارت ونصت صراحةً على حقوق الطفل، كما ان المملكة الأردنية الهاشمية تسعى جاهدة للحفاظ وصون كرامة الأطفال وحمايتهم من اي اعتداء قد يتعرضوا له مراعيةً بذلك العادات والتقاليد والأصول، وان أي طفل هو أمانه في عنق والديه يجب العمل والاستثمار بهذا الطفل حتى يخرج الى المجتمع شخص منتج يعي أفعاله وتصرفاته وشخص مسؤول يُعتمد عليه يتمتع بمكارم الاخلاق الذي يؤدي بالنتيجة الى صلاح المجتمع واستقرار الدولة وتدني مستويات الجريمة.
ان نصوص القانون التي من شأنها حماية حقوق الطفل في الدستور الأردني والتشريعات والقوانين الأردنية عديدة نذكر منها المواد (6، 7، 8) التي تتعلق بالمساواة امام القانون والحقوق والحريات والأمور المتعلقة بالقبض والتوقيف والحبس، إضافة الى المادة (20) من الدستور الأردني التي تفيد بأن التعليم الأساسي إلزامي للأردنيين وهو مجاني، كما نص قانون الأحوال الشخصية رقم (15) لسنة 2019 على العديد من الأمور التي تعتبر حماية للطفل التي تتمثل بنسب المولود المواد من (157-163)وحضانة الأطفال وشروطها في المواد (170-180) بالإضافة الى حق الطفل وابواه عند الانفصال بالمشاهدة والاستزارة في المواد (181-183) كما نص القانون على العديد من الشروط والضوابط المتعلقة بالنفقة على الاولاد التي تشمل نفقة التعليم والمسكن ونفقة العلاج (190-194) كما نص هذا القانون على شروط الوصي او الولي.
كما لا ننسى ما ورد من نصوص قانونية في قانون العمل المادة (73) التي منعت عمل وتشغيل الاحداث الذي يقل عمره عن ستة عشرة سنه، والمادة (74) التي حظرت تشغيل الحدث الذي يقل عمره عن ثمانية عشرة سنه في الاعمال الخطرة او المرهقة او المضرة بالصحة، والمادة (75) التي حددت شروط استخدام وتشغيل الاحداث من ساعات العمل واوقات الراحة وبداية ونهاية العمل، والمادة (76) التي حددت الشروط والأوراق المطلوبة من صاحب العمل قبل تشغيل اي حدث. كما جاء ايضاً قانون الجرائم الالكترونية في المادة (9) بحماية كل من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره من الاعمال الإباحية والاستغلال الجنسي وقانون العقوبات الذي يحمي كل من لم يتم الثامنة من عمرة من اية ممارسات جنسية ترتكب ضده وان كانت بالرضا في جرائم هتك العرض والفعل المنافي للحياء العام والمداعبة المنافية للحياء العام وغيرها، فضلاً عن قانون الاحداث لسنة 2014 الذي نظم التعامل مع الاحداث في حال ارتكاب الجرائم او مخالفة القانون وآلية التحفظ عليهم في دور التأهيل والرعاية وإجراءات المحاكمة وغرف المحكمة المخصصة للأحداث والعقوبات المخففة للأحداث عن الجرائم والتمثيل القانوني للحدث امام المحكمة.
على ضوء ذلك، ولكون الدستور والقوانين الاردنية كانت سباقة في مسألة حماية حقوق الطفل وان القوانين الاردنية قد اسهبت في هذه الحماية من خلال نصوص قانونية صريحة فأن عرض مسودة مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 من باب لزوم ما لا يلزم كون ان التشريعات الاردنية قد غطت جميع المسائل التي يتحدث عنها مشروع القانون.
كما لا بد ان نشير بأن المملكة الاردنية الهاشمية قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل بموجب قانون التصديق على الاتفاقية رقم (50) لسنة 2006 إلا انها قد تحفظت على المواد (14، 20، 21) من الاتفاقية التي تتعلق بحق الطفل بتحديد دينه، وحق الطفل غير القادر على الحصول على الرعاية المناسبة من عائلته الحصول على هذه الرعاية من اشخاص اخرين يحترمون دينه وثقافته ولغته، والمادة (21) تتعلق بتبني الطفل، وهنا نقول بأن الحكومة الاردنية اصابت عندما تحفظت على هذه المواد وذلك للمحافظة على المنظومة الاخلاقية والعادات والتقاليد والدين.
إلا أنه وبعد قراءة مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 فإن هذا القانون يوجد فيه بعض الاضافات التي لا تتناسب مع المجتمع الاردني وتتعارض ايضاً مع قانون العقوبات وبالتالي لا بد من إلغاءها وهي المادة 20/ج من مشروع القانون التي تنص على ما يلي:
(على الرغم مما ورد في اي تشريع اخر، لا تشكل صفة الوالدين او الشخص الموكل برعاية الطفل عذراً لارتكاب اي فعل من الافعال الواردة في هذه المادة).
ان بقاء هذه المادة بهذه الشكل تعطي الاحقية للطفل (الذي لم يكمل الثامنه عشرة من عمره) مساءلة والديه قانونياً وتقديم شكوى بحقهم بناءً على اي فعل قد يرتكبه الاباء بحق ابناءهم من توبيخ او عقاب او كلام بصوت مرتفع او حتى التدخين امام الابناء كون ذلك يضر بصحتهم، هل يعقل ذلك! نحن في مجتمع مسلم ينادي بمكارم الاخلاق وبر الوالدين نمنح الاطفال هكذا حق من شأنه ان يجعل هذا الطفل يتمرد على عائلته وابويه ويتقدم بشكوى للجهات المعنية لمسائلة ابوية عن امور تتعلق بتربية الابناء، كما ان هذا الطفل الذي يتقدم بالشكوى كيف يمكن للسلطات ان تستقبل مثل هكذا شكوى وهو طفل لم يصل سن الرشد، ما هي الضوابط التي يجب ان تتخذ للتحري عن صحة الشكوى؟؟؟ وهذه الضوابط لم يتم الاشارة لها ولم يتم توضيحها بشكل مفصل، اعتقد بأن هذا القانون ناقص وبحاجة الى تعديلات عديدة، كما ان ما جاء في هذه المادة يخالف المادة (425/1) من قانون العقوبات التي تنص على "يعفى من العقاب مرتكبو الجرائم المنصوص عليها في الفصول الثلاثة السابقة اذا وقعت اضرار بالمجني عليه بين الاصول والفروع او الزوجين غير المفترقين قانونا ، او بين الاربة والربيبات من جهة وبين الاب والام من جهة ثانية".
وهناك نقطة في غاية الاهمية هي ان المادة (41) من اتفاقية حقوق الطفل نصت على ما يلي:
"اذا كانت قوانين البلد المحلية تحمي حقوق الاطفال بطريقة افضل مما تحميها هذه الاتفاقية، فحينها يجب استخدام قوانين هذا البلد"
من وجهة نظري القانونية ان التشريعات والقوانين الاردنية قد جاءت شاملة وكاملة وتضمنت نصوص صريحة في مختلف القوانين التي تضمن الحماية المطلوبة للطفل من اي اعتداء او استغلال حقوقه وحرياته من نفقة وتعليم ومسكن وغيرها لذا فإن مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 تشريعة وادخاله الى حيز الوجود من باب لزوم ما لا يلزم والذي يسعفنا ما ورد في المادة (41) من اتفاقية حقوق الطفل المشار إليها اعلاه كون التشريعات الاردنية كانت سباقة في مسألة حماية حقوق الاطفال وخير برهان القوانين التي تم الاشاره اليها اعلاه التي تضمنت نصوص صريحه من شأنها صون كرامة الاطفال وحمايتهم من اي اعتداء.