لا نحتاج إلى دليل حينما نتحدث عن ديمقراطية الأنظمة السياسية العربية: وصول الحاكم، تداول السلطة، النزاهة، العمل الحزبي، الدساتير وآلية ظهورها وتعديلها والالتزام بها والتجاوز عليها ووضعها على الرؤوس أو في الخُرج؟!
ما الذي تخسره الأنظمة لو اقتدت بالدول المتحضرة التي تحترم شعوبها وتنفذ ما يريده الناس؟ ماذا يخسرون لو تقدمت البلاد سياسيا بإسناد الادارة للمخلصين من أبنائها الذين يتجردون من مصالحهم الشخصية ويعتبرون أنفسهم خدما لشعوبهم؟ ماذا يخسرون اذا جاء فريق اقتصادي حقيقي يواجه المديونية والفقر والبطالة وارتفاع الأسعار ويحد من الهجوم على جيوب الناس؟ ماذا يخسرون لو صدر عشق الوطن من القلوب لا من خلفية النفاق والوصولية؟ ماذا يخسرون لو صار الإعلام إعلام دولة لا إعلام حكومة؟ ماذا يخسرون لو رفع المواطن رأسه وشعر بالعزة عوضا عن الخوف من الاعتقال والزج في السجون والمعتقلات؟ ماذا يخسرون لو أعادوا النظر في التعليم بكل مراحله ليقوم على التفهيم لا التلقين، وعلى الإبداع وليس التقليد؟ ماذا يخسرون لو اعتبروا كل المواطنين مخلصين إلى أن يثبت العكس، وأن تعدد توجهاتهم ثروة تفيد البلاد وانسجام مع النظام الكوني؟ ماذا يخسرون اذا تخلصوا من المطبلين المنافقين والجهال وضعاف الهيبة الشخصية؟
ماذا يخسرون اذا وقف الناس يحاسبونهم على كل صغيرة وكبيرة؟ أتريدون الأموال وقد علمتم أن الأكفان ليس لها جيوب وأن قارون لم تنفعه أمواله؟ غادر كثيرون قبلكم وستغادرون، فهل تأخذون معكم الذكر الطيب ورضا الله أم اللعن ودعاء المقهورين المظلومين؟ اختاروا يا ساسة الأنظمة العربية، اما نحن فقد اخترنا الحق والعدل والتعددية والإنجاز والمحاسبة وتداول السلطة والاستقلال الحقيقي وتبييض السجون وبناء الصروح العلمية. اخترنا أن نكون مع الناس وللناس وقبل ذلك مع الله الذي يراكم ويرانا وسيحاسبنا في محكمة العدل الإلهي والتي عنوانها "لا ظلم اليوم".