شراء الأسهم في الشركات المساهمة العامة
م.سميح جبرين
24-07-2022 12:04 PM
كان أكبر خطأ تمّ ارتكابه، عندما سمح لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة بشراء أسهم الشركات التي يديرونها، حيث أقترن ذلك بشرط لا قيمة له، وهو أن يقوم رئيس المجلس أو أعضاء المجلس الراغبين بالشراء، بالأفصاح عن هذا الشراء لدائرة مراقبة الشركات أو لهيئة الأوراق المالية.
مثل هذا السماح يمنح أولوية وأفضلية لرؤساء وأعضاء مجالس الإدارة للتكسّب أو حتى للهروب من الخسارة، لكونهم يكونوا على علم مسبق بالمنحى الذي تتجه إليه الشركة، فإذا كان المنحى يتجه نحو الصعود بأعمال الشركة، مثل زيادة الطلب على منتجات الشركة، وبالتالي زيادة الأرباح، فهذا يجعلهم يتهافتون على شراء الأسهم بغرض تحقيق مرابح شخصية. أما إذا كان منحى الشركة يتجه نحو الهبوط، فهذا يمنحهم فرصة الهروب من الخسائر القادمة ببيع أسهمهم قبل غيرهم من بقية المساهمين، وقبل هبوطها بالسوق.
ومن مخاطر السماح لمجالس الإدارة بشراء الأسهم بالشركات المساهمة العامة، هي التلاعب في قرارات بقية المساهمين، اللذين يبنون قرارات شرائهم أو بيعهم لأسهمهم، بناء على معلومات قد تكون مسربة عن عمد وعن بعض أعضاء بالمجلس، فإذا كانت مؤشرات الشركة ،التي يعلمها أعضاء مجلس الأدارة قبل غيرهم من بقية المساهمين، تشير إلى تراجع في أداء الشركة ، فهنا يمكن أن تنعقد النية عن أعضاء المجلس لإعطاء وهم كاذب بأن أداء الشركة يسير بشكل جيد ، ولتثبيت هذا الوهم يقوم أعضاء المجلس بشراء كميات بسيطة من أسهم الشركة ، وهذا ما يشجع بقية المساهمين للشراء ، مما يرفع سعر السهم ويعطي انطباع كاذب بأن الشركة تسير بشكل جيد ، ولكن مثل هذا الوهم سرعان ما يتهاوى عندما تقوم الشركة بتقديم بياناتها الربع سنوية لدائرة مراقبة الشركات ولهيئة الأوراق المالية ، مما يؤدي إلى هبوط سعر السهم بشكل كبير ، ولكن بعد أن يكون قد هرب من هرب قبل تهاوي الأسعار .
ومن السلبيات أيضاً، فمن المتعارف علية والمعمول به ، هو قيام الشركات المساهمة العامة بالتبرع للمجتمعات المحلية ودعم الجامعات وبناء المدارس والمراكز الطبية بالمناطق النائية ، وكذلك دعم المنتخبات الرياضية الوطنية وغيره من أشكال الدعم .
ولما كان من الطبيعي أن تأتي هذه التبرعات وجميع أشكال الدعم على جزء من مرابح الشركات ، فنجد هنا بأن لا مصلحة لرؤساء مجالس الأدارة وأعضائها المالكين لأسهم في الشركات التي يديرونها بالتبرع ، حيث هذا التبرع سيأتي على جزء من مرابحهم الشخصية ، وهذا ما يحرم الجهات التي تستحق الدعم من الاستمرار في تقديم خدماتها .
لأجل كل ما ذكر أعلاه ، نجد بأنه يتوجب وبشكل فوري تعديل القانون الذي يسمح لأعضاء مجالس الأدارات بالشركات العامة بالتملك بأسهمها ، بحيث يتم إلغاء هذا الامتياز للوصول إلى شفافية ووثوقية أكبر بمن يتم تكليفهم بهذه المهمات ، وأن يتم الاكتفاء بمنحهم مكافئات سنوية تتناسب طرداً مع قيمة ما يتم تحقيقه من مرابح للشركات التي يديرونها .
لدينا شواهد كثيرة سلبية على كيفية استغلال رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة ، وكيف تمكن هؤلاء من جمع ثروات طائلة لكون القانون يسمح لهم بتملّك أسهم الشركات التي يديرونها دون وجه حق .