يوم في رحاب ام الجامعات الاردنية
فيصل تايه
24-07-2022 12:27 AM
الجامعة الاردنية ، هذا الصرح الأردني الوطني التعليمي الشامخ ، تقف اليوم كمنارةٍ للتميُّز الأكاديمي والبحث العلمي ، فما حققته من إنجازات خلال مسيرة عطائها في ظل قيادة من تولوا زمام إدارتها تصب في صالح تحقيق رسالتها وترجمة أهدافها ، لتبقى صرحا شامخا للتميز والعطاء والإبداع ، وما زالت على ذات النهج تسعى الى تحسين جودة التعليم الجامعي وهي تقدم تعليماً عالي الجودة في مختلف المجالات العلمية ذات الأولوية الوطنية ، ففي إطار تحقيق هذ الالتزام ، فإن الجامعة الاردنية برئاستها الحالية الفذة تهدف إلى تطبيق أحدث المعايير العالمية وتنفيذ أفضل الممارسات الأكاديمية في البرامج والكليات ، ونتيجة لهذا فقد نجحت في مبادراتها لاستكمال نيل الاعتمادات الأكاديمية من قبل مختلف الهيئات العالمية الرائدة في الاعتماد الأكاديمي ، وهي تقدم خيارات واسعة من البرامج الأكاديمية ، لتأتي كافَّة هذه البرامج بما يلبي احتياجات المجتمع الاردني ، بالإضافة إلى تطوير ثقافة البحث العلمي ، وضمان توفير بيئة ثريّة في الحرم الجامعي تشجِّع التميز الأكاديمي ، ومن المؤكد أنها تسعى باستمرار الى المحافظة على سمعتها الطيبة بين الجامعات العربية اضافة الى إعادة هيكلة وتفعيل عدد من البرامج التعليمية وإنشاء برامج جديدة .
ما اثار دافعيتي للكتابه عن هذا الصرح الوطني العلمي ، ما وجدته وزملائي اصحاب الذوات والقامات الوطنية اعضاء "ملتقى النخبة-elite" من حسن استقبال وترحاب حين تشرفنا بزيارة حرم الجامعة تلبية لدعوة كريمة من معالي البروفسور الاستاذ الدكتور نذير عبيدات رئيس الجامعة للتعرف عن كثب على اهم الانجازات ومجمل التحديات التي تواجهها هذه المؤسسة التعليمية الوطنية ، وما اسعدنا واثلج صدورنا ، ان هذا الصرح ما زال محافظا على القه وحضورة ، وما زال منارة للعلم والمعرفة بالداخل والخارج ، فتجدها الجامعة المتميزه على كثير من الجامعات ، فهي صرحنا التي نجل ونفخر ، ونعتبرها "ام جامعاتنا" وهي وكما وصفها الصديق الكاتب والاعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي بأنها اهزوجة وطن وتغريدة شعب .
لقد مكنتنا هذه الزيارة من الاطلاع على ما حققته الجامعة الاردنية مؤخراً من انجازات في وقت قياسي ، ذلك بفضل من الله وجهود طاقم رئاستها الحريص على المحافظة على هذا الارث التاريخي شامخا ، حيث سَرّنا جملة من الإيجابيات التي لمسناها ، والتي تضمنت سلسلة من الإجراءات خاصة المتعلق منها بالوضع المادي للجامعة التي عانت من ضائقة مادية على مدى سنوات ، فقد سعت إدارة الجامعة لايجاد استراتيجية عملية فاعلة لخفض مديونية الجامعة التي كانت تثقل كاهلها بشكل واضح يعيق عملها واداءها ويحقق اهدافها ، ذلك بأن اتخذت قراراً بان تكون موازنة هذا العام مختلفة عن السنوات السابقة من خلال رفع النفقات الرأسمالية إلى ما يقارب عشرة ملايين ونصف ، نظرا للحاجة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية التقنية في القاعات التدريسية ومختلف مرافق الجامعة ، اضافة الى تحويل عدد من المدرجات والقاعات الى قاعات ذكية كخطوة اولى لتجديد معظم قاعات الجامعة الدراسية ، وما تتطلبه من معايير ملائمة تماشيا مع متطلبات التعلم الحديث ، بتحويلها الى قاعات ذكية مع وجود المادة الدراسية الالكترونية الواضحة، وتمكين اعضاء هيئة التدريس على التعامل مع الجانب التقني باتقان وحرفية.
اننا ورغم اطلاعنا على كل هذه التفاصيل من الانجازات ، لكننا وفي نفس الوقت "تألمنا" لعدم تمكن الجامعة من استكمال خطها الطموحة المرجوة ، في حين شعرنا ان الجامعة و"كأنها" تطلق نداء استغاثة بسبب ضيق حالها المادي ، فالتحدي الكبير الذي تواجهه يكمن في التمويل المالي لدعم مشروعاتها التحديثية ، هذا التمويل ، الذي هو أقل من الطموح ، حيث إيرادات الجامعة والتي يبلغ عدد طلبتها ٥٤ ألف طالب وطالبة ، تبلغ ١٠٢ مليون دينار فقط ، والإيراد من البرنامج الدولي يصل إلى ٣١ مليون ، أمّا الإيراد من البرنامج الموازي فيصل الى ٢٦ مليون دينار ، وكل ذلك لن يفي باقل احتياجاتها ومصروفاتها بسبب ارتفاع حجم النفقات ، والتي من أهمها الحاجة المُلحّة لإعادة تأهيل بعض المباني والتي عمرها من عمر تأسيس الجامعة ، اذ بات ذلك امراً ضروريا بسبب ان البنية التحتية لتلك المباني في اغلب الكليات باتت بحاجة ماسة الى اعادة ترميم وتاهيل بسبب التصدعات والتشققات وقدم الرحلات والمقاعد فيها ، وفق ما تحدث به معالي الدكتور نذير عبيدات اثناء لقائنا الصريح معه ، اضافة الى التخوفات من من ان يكون التعليم ليس في "أفضل حالاته" بسبب مجمل التحديات الاي تواجهه العمليه التعليمية الجامعية بمختلف مراحلها ، والضرورة للإسراع لتجديد البرامج الدراسية ، لمواكبة التغيرات التي حصلت في العالم منذ عشرين عامًا ، وكذلك فيما يتعلق بضرورة تغيير وتطوير أساليب التدريس والتعليم والتقييم والامتحانات ، والحاجة الى تطوير عدد من برامج الدراسات العليا ، والعوز لتعيين اعضاء هيئات تدريسية وادارية جدد في مختلف كليات الجامعة.
اما بعد ، فقد خلصنا الى قناعة تامة ان من الضرورة بمكان التركيز على حمل الافكار التطويرية التي يحملها معالي الدكتور عبيدات في جعبته خاصة المتعلقة منها بالجانب الاكاديمي ، وتحديداً ضرورة التركيز على تفكير الطلبة وإبداعاتهم أكثر من مجرد تلقينهم المعرفة ، والسعي لتقليل الفجوة بينهم وبين أعضاء هيئة التدريس ، اضافة للعودة للوقوف عند ابرز التحديات وخاصة المالية منها والتي تعاني منها جامعاتنا الأردنية بالمجمل ، ومن ضمنها الجامعة الاردنية ، حيث علمنا ان معالي الدكتور عبيدات كان قد قدم مجموعة من الحلول يمكن ان تعالج العجز المالي في الجامعات ، والتي تتمثل بضرورة تحديد الرسوم من قبل الجامعات ، وتعديل بعض التشريعات الضريبية ، وتقليل الكلفة ، وزيادة الواردات الذاتية للجامعات ، وكذلك تصفير مديونيتها.
اننا واثناء نقاشاتنا في حوار مفتوح تم من خلاله تلاقح الافكار على مائدة رئاسة الجامعة بحضور عدد من الاساتذة المختصين واستعراض علاقة الجامعة بمؤسسات المجتمع المدني العامة والخاصة ، فكان لا بد من الالتفات الى الفجوة الكبيرة الموجودة بين القطاع الأكاديمي والصناعات وأصحاب العمل ، اذ أن هناك دورًا كبيرًا على القطاع الخاص يجب أن يقوم به تجاه مسيرة تطوير البحث العلمي من خلال دعم الكوادر والكفاءات العلمية من جهة، والاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية في مختلف القطاعات ، اضافة الى توضيح الفجوة الواسعة القائمة بين مخرجات الجامعات ومتطلبات سوق العمل ، والتغير الكبير والمتسارع في المجتمع ، ما يتطلب ضرورة مواكبة التغيرات المتسارعة في التعليم في ظل ما يسمى بنظرية التعلم والتوسع في اتساع نظريات متعلقة بطرق التعليم ، والتعامل مع العالم الرقمي في التعليم .
اعتقد "وان اطلت" ان من أهم الحلول التي يمكن الحديث عنها في مواجهة التحديات التي تواجه التعليم في الجامعات ، هو الالتفات الى تحسين إدارة الموارد البشرية والاقتصادية ، وإعادة بناء استقلالية الجامعات ، اضافة الى ضرورة استمرار الجامعات بالقيام بدورها في أن تعلم وتدرب وتبحث بحرية وبشكل ذاتي ، كما ويمكن للجامعات أن تحقق المطلوب منها عن طريق تعزيز قدرتها على جعل رحلة التعلم أكثر مرونة وسهولة ، وأن توظف التكنولوجيا بسكل كامل لمعالجة الصعوبات ، وأن توجد آلية للمراقبة والمحاسبة لطرق التعليم مما يساهم في تقليل كلف التعليم ، إضافة إلى التركيز أكثر على البحث العلمي ليكون مربوطا بالصناعة ومُسوّقًا لها في آن معا.
بقي ان اقول ان على مؤسسات المجتمع المدني ان تبادر الى مساعدة "ام الجامعات" الجامعة الاردنية ، والوقوف الى جانبها في هذا الوقت التي تحتاج بها الى ابناء الوطن الشرفاء ، ذلك بالمساهمة في اعادة تأهيل القاعات الدراسية وأعمال تجهيزها وإعادة تهيئتها ، وتزويدهما بالأثاث والأجهزة اللازمة ، لتساعدها في الديمومة العصرية المتسارعة التي تشهدها في اداء مهماتها ، ذلك هو الطريق القويم لتجسيد التكاملية والشراكة الحقيقية وهو النموذج للتعاون المثمر بين مختلف المؤسسات الوطنية والجامعات ، ما يعبر عن مدى أهمية المسؤولية الاجتماعية في تحقيق التنمية المستدامة ، اضافة الى أهمية تكامل الأدوار بين جميع القطاعات ، انطلاقًا من المسؤولية الوطنية والتي يأتي ضمن الواجب تجاه بلدنا ، وهو انسجام مع دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني للشراكة الحقيقية والتعاون ، واعتقد ان بالامكان تسمية كل قاعة يتم اعادة تأهيلها باسم المؤسسة التي تقوم على ذلك ليبقى اسمها راسخاً في مخيلة الأجيال .
شكرا معالي الدكتور النبيل نذير عبيدات .. شكرا قيادات الجامعة الاردنية وكافة العاملين بها على حسن الاستقبال والترحاب ، ونأمل ان تأتي زياراتنا القادمة وقد تحققت الامنيات ، وتبلورت الطموحات وتوسدت الاهداف .