إعادة اختراع القطاع العام
صالح سليم حموري
18-09-2010 05:15 PM
بات لزاماً على الحكومات في عصر الانفتاح والتكنولوجيا والعولمه مواكبة هذه التطورات واعادة دراسة الكثير من المفاهيم وطرق العمل التي كانت سائدة لفترة طويلة من العمل.
ومع انتشار الموجة الرابعة في الادارة المبنية على القيم والاخلاق والمسؤولية المجتمعية والحاكمية الرشيدة والاقتصاد الاخضر والاهتمام بالأمور البيئية، توجّب على الحكومات تقييم واعادة اختراع الكثير من اجهزتها ودراسة الكثير من القوانين والانظمة والتعليمات واجراءات العمل السائدة وذلك لمواكبة الانفتاح وعصر العولمة والانترنت، لذلك متوقع من الحكومات الجديدة ان يكون هدفها التطوير والتحسين، وتضع حلول ابتكارية للتحديات التي تواجها وتركز على الأهداف والنتائج، ودائماً المواطن على حق بالنسبة لها ومن حقة الاعتراض عند نقص الخدمات المقدمة له، والمواطن يمتلك حق تقييم الموظف وله توقعات في نوعية وطريقة الخدمة التي تقدم له يجب أشباعها.
لقد بات العالم الآن قائماً على اقتصاد المعرفة واصبحت المعلومات متوفرة للجميع وبسرعة هائلة جداً وهذا كله يستوجب اعادة دراسة وتعديل الكثير من الهياكل التنظيمية للمؤسسات وادخال دوائر وأقسام لم تكن موجودة سابقاً مثل تحويل دائرة شؤون الموظفين الى ادارة الموارد البشرية، والتقييم المؤسسي، والاتصالات المؤسسية ودائرة المخاطر والتدقيق المبني على المخاطر والتدقيق عن طريق الحاسوب ودائرة الخدمات الالكترونية والتسويق الحكومي وإدارة خدمات العملاء... وغيرها حسب متطلبات العمل. بالإضافة إلى تدريب الموظفين وهم العنصر الأساسي في أي مؤسسة على استخدام التكنولوجيا الحديثة وكيفية الاستفادة من شبكة الانترنت في تقليل اجراءات العمل والتميز في خدمة العملاء لا بل الابتكار والابداع في نوعية وطريقة الخدمات المقدنة له وحفظ المعلومات والاستفادة منها وقت الحاجة، وان يصب كل ذلك في مصلحة متلقى الخدمة حيث اصبح متلقى الخدمة "المواطن وغير المواطن" يقارن سرعة الخدمة وجودتها في القطاع العام مع جودة وسرعة الخدمة في القطاع الخاص.
وبناءً عليه، فإن الشفافية واستخدام احدث وسائل الاتصال وايجاد الموظفين المؤهلين والمدربين على تقديم الخدمات مع اعادة دراسة جميع الاجراءات كل فترة وادخال التحسينات الجوهرية وبطرق جديدة وابتكارية على جميع الخدمات الحكومية اصبح ضرورياً جدا اذ كانت الحكومة ترغب بالاستمرار والنجاح والتميز.
ولكن المشكلة التي نقع فيها دائماً اننا نريد أن يأتي التغيير من الخارج وبمساعدة مستشاريين خارجيين وادوات ومنهجيات خارجية والاعتماد على التأثير الخارجي، بالرغم ان الكثير من المؤسسات العالمية الكبرى انتبهت الى ان التغيير الصحيح والفعال والسريع لا يأتي الا من الداخل والاعتماد على الادوات والعنصر البشري الخبير في هذه المؤسسات، وهذه منهجية حديثة في التغيير المؤسسي تم تبنيها من قبل الكثير من المؤسسات وتعتمد على الخبرات الموجودة في المؤسسة والخبرات السابقة التي تختزن ذاكرة المؤسسة وذلك بعد فشل الكثير من منهجيات التغيير المستوردة من الخارج.
ان التغيير المؤسسي الذي يؤمن به خبراء التغيير يأتي من داخل المؤسسات لأن المؤسسات اصلاً صممت وأسست لحل المشكلات لا أن تكون مصدراً للمشاكل بحد ذاتها. يقول الكاتب الاداري المشهور(مارسيل بروسن) "ان رحلة الاكتشاف الحقيقية ليست هي البحث عن أرض جديدة وعن مصادر جديدة، بل هي النظر الى الأمور بعيون جديدة".
إن مؤسساتنا ليست بحاجة الى عمليات وتداخلات جراحية من خبراء يأتون من الخارج لا بل من الداخل ويوجد الكثير من هؤلاء الخبراء إن رغبنا حقاً في الاصلاح، يقول مستشار سابق عمل مع احدى الحكومات" لم نجد لزاماً علينا أن نبتكر وسائل أو طرق عمل جديدة. قعندما بحثنا في ثنايا النظام الحكومي القائم وجدنا كل ما نحتاجة من هذه الوسائل والأهداف والأدوات. حتى الأهداف وجدناها موضوعة. الشيء الوحيد الذي ينقص هذا النظام هو إيجاد الروابط بين طرق العمل الممكنة والأهداف الموضوعة. ووجدنا الحل في ايجاد المقاييس. المقاييس هي التي تربط بين أساليب وأهداف التنفيذ. فإذا كان لنا أن نصدر حكماً عاماً على أهم مشكلة تواجه القطاع العام، فسنقول انها افتقار النظام للربط بين الأساليب والغايات وعدم وجود منهجيات (للتقييم والمتابعة والقياس).
Hammouri67@yahoo.com