كانت البيئة الاردنية حاضنة تحتضن النجوم ولا تبخل بالحديث عنهم وكان كل واحد لا شعوريا يقر للاستاذ بالاستذة وكانت عادلة كانت كل الاردن تعرف ضابطا له علاقات بقضايا الناس وخاصة التعيينات مثلا حسام الدين المفتي.. اليوم لا تعرف الناس ضابطا في القيادة
كان سكان المحطة يشاهدون يوميا حابس المجالي ومع السائق فقط في طريقه لنادي السباق ولا احد يعترض طريقه طالبا المساعدة كانت الناس تعرف مدير الاذاعه وتعرف صوته صلاح ابو زيد، كانت الاغنية الاردنية تنتشر في الوطن العربي وفي الخليج خاصة، كان عندنا كتاب اغان وملحنين ومغنين وكان عندنا برنامج مضافة ابو محمود بموازنة صفر يكتسح الخليج وفي الكويت يترقبوه يوميا مثل ترقب مباريات كأس العالم، وكانت نهضة فنية وكانت الناس تعرف خطيب الجمعة وصوته المميز عبدالله غوشة، وكانت الناس تعرف من الوحدات الخاصة احمد علاء الدين وكان رقيب سير مثل هزاع الذنيبات نجما ايضا والناس اعطته حقه وكانت مذيعة مثل كوثر النشاشيبي معروفة في الاردن والاراضي المحتلة وكان الحاج رضا في وسط البلد يجبر العظام بعمل متقن وكان الممرض مطلق العساف في الاجفور (الرويشد) اشهر من جراح القلوب برنار لانه يخدم الناس ويلبي حاجتهم بطيب خلق وبشاشة والناس لا تبخل عليه وكانت الناس اقرب لثقافة الشكر والامتنان وكانت الناس تعرف مدير الشرطة العسكرية كامل عبد القادر لان الجنود يتحدثون عنه وهو من قرى اربد ولقد حزنت عندما علمت انه قتل في عام 1970 وكانت الناس تعرف مسؤولا نزيها اسمه محمد عودة القرعان وارتبطت كل دائرة باسم شخص ابدع فيها وصلاح ابو زيد اعلام ومحمد رسول الكيلاني مخابرات ومن الجيش والامن حدث ولا حرج لحد مذهل والناس تعرف هاشم قانوق والحاج عربي (من البطاينة وكان جارنا في معان وكلاهما من كوادر الامن ومصلحة السجون) وكانت الناس تعرف اسم طبيب في المستشفى الرئيسي ماركا مصطفى نبغلي وعرفت الناس اسماء اصحاب الاغذية مثل صبحي جبري والكسيح ومخابز رغدان ووصل الانصاف بالبيئة ان يعرف المجتمع اسماء ناس من قاع المجتمع مثلا في المحطة العتال الونش الذي اصبح ابنه طبيبا مرموقا وعرفت ابو عمر من حلب اصلا ويبيع الهرايس مساء وجوز الهند صباحا وكان من معالم البيئة انزل عند جسر المحطة تجد ابو عمر مساء وصباحا وجسر المحطة خالد لان الشباب والناس كانت تجتمع عليه مساء واذكر ان اول مرة شاهدت الحسين رحمه الله كانت على الجسر وذات مرة كان السيل يومها هادرا وكنا ثلاثة فتيان نقف نتفرج وفجأة ترجل الحسين من سيارته التي يقودها بنفسه ووقف يتأمل السيل ونحن بدورنا افسحنا له المجال ليأخذ حريته ولاحظت ان الشيب غزا رأس الملك مبكرا وهكذا كانت البيئة حاضنة وكان الجميع يقر للاستاذ بالاستذة في تخصصه والناس مثقفة في شؤون البيئة وتعرفها جيدا وتعرف الاسماء والشخصيات والطريق مفتوح للتعامل معها وتلاحظ الان انه بالرغم من وجود الفيس بوك فان الناس لا تعرف محيطها ولا محيطها يعرف بنفسه..