بيان " الأسبوعيات " فهلوة
علي عرسان
05-07-2007 03:00 AM
بداية ، أرجو من " بعض " الزملاء في الأسيوعيات أن لا يحملوا " ملقطا " لتصيد كلمات ومفردات لا أقصدها ، وسأحاول – ما استطعت – الولوج بالقارئ الكريم إلى بيت الصحافة الأسبوعية من الداخل ، كوني أحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري . بداية الثمانينيات ، صدرت شيحان لترقص على أنقاض صحف بادت ، وأخرى كادت ، وكانت الساحة ضيقة ولكنها زاخرة بفضول الصحفي الفهيم ، والقارئ النهيم ، إذ لم يكن حينها لا أنتر نت ولا فضائيات ، ولا موبايلات ولا حاجة ، وتمكنت شيحان = التي ضربتها مثالا لأسباب تتعلق بهذا المقال = من تثبيت أقدامها على منزلقات سبخة ، وسرعان ما أصبحت الجريدة الأسبوعية الأولى بلا منازع ، نظرا للجرأة التي رسخها الدكتور رياض الحروب ، الذي سواء اختلفتَ معه أم اتفقت ، يعتبره الكثيرون " الأب الروحي " لمعظم هؤلاء الذين أصبحوا ناشرين وصحفيين مبدعين في كل المواقع التي ارتحلوا إليها في الداخل والخارج ، وأقصد " لكي لا أُفهم خطأ " ذلك الجيل الذي شهد وساهم في فورة شيحان ، واحتلالها تلك المكانة التي وصلت إليها على خريطة العمل الصحفي في البلد .
شيحان ، تلك ، خدمتها ظروف " غير موضوعية " استطاعت أن تستغلها لصالحها ، دون أن يفهم من كلامي أنني أغبن اللواء مثلا ، أو " المرحومة " أخبار الاسبوع مكانتيهما في الساحة ، فقد كانت شيحان الأفضل بحسب أرقام التوزيع التي وصلت في بعض أعدادها إلى 100 ألف نسخة أُسبوعيا ، وهو رقم غير مبالغ فيه ، ويعرفه أصحاب المطابع التجارية ، وأذكر – في ما أذكر – رؤساء وزارات كانوا " يطيرون " أخبارا من على صفحاتها ، وبعدها كان ما كان من القصة المعروفة ، واعتزال الدكتور رياض العمل الصحفي لسنوات ، قبل أن يعود ويصدر الأنباط .
لو نظرنا الآن إلى معظم الأسبوعيات ، فإننا نرى صحفا ولا نرى صحافة ، فلو افترضنا أن الزمان اختلف كما يقول البعض ، فإنه يفترض بتوزيع هذه الصحف أن يصل إلى أرقام مقبولة ، لأن العمل الصحفي الرصين ، يدفع بالقارئ دفعا إلى انتظارصحيفته المفضلة نهاية كل أسبوع ، انتظارا ل " خبطات " لم تتطرق إليها لا الفضائيات ولا المواقع الألكترونية ، بل إن " الخبطة الصحفية " هي التي تدفع بهذه الوسائل الإعلامية إلى النقل عن الصحافة الورقية ، وليس العكس ، وإن تعلل أحد بالظروف الإقتصادية على أنها هي التي تسببت بقلة التوزيع ، فإن من المفترض والحالة هذه ، أن تنخفض أرقام التوزيع إلى النصف ، مجاراة لوضع القارئ الإقتصادي ، أو إذا شئت إلى أكثر من ذلك ، أما أن تصل مبيعات بعض الصحف إلى " الصفر " ، وهذا ما يحصل فعلا معها " لا أتحدث عن الإشتراكات " فإن السؤال عن السبب الحقيقي لحالة " الدمار " الذي تعانيه بعض هذه الصحف يصبح مشروعا ، فما الذي يجري بالضبط ؟ .
يستطيع أي قارئ الإجابة عن هذا السؤال بدون شطارة ولا فهلوة ، فالذي يتابع معظم أسبوعيات هذه الأيام يصدم بالمستوى المهني المتدني لبعض هذه الصحف ، بل إن الأمر وصل إلى أن نقرأ أخبارا بدون أخبار ، وأغلب ما نطالعه يقع في خانتين لا ثالث لهما : فإما أن نقرأ مديحا أو نقرأ ذما ، سواء لمسؤولين أو أشخاص أو اللي بدكو اياه ، حتى وصل الأمر ببعض الصحف إلى امتداح بدلة الوزير الفلاني ، والمدير العلنتاني ، ولون بيجامته ، ونوع شفرة حلاقته ، بل إنه تعدى ذلك للحديث عن زوجات هؤلاء ، وأنواع " الطبايخ " التي يجتذبن أزواجهن بها ، ولدرجة أن المسؤول المقصود لم يعد ذا إسم مجرد مثل باقي خلق الله ، بل إنه في عرف تلك الصحافة ليس سوى " أبو عنتر وأبو أبجر " توددا واحتراما بذكر الكنية ، لعل وعسى أن يرأف هذا المسؤول بالصحيفة ، وينقدها إعلانا أو ما شابه ، وتعجب أشد العجب حين تجد الناشر سين ، ورئيس التحرير صاد ، لا يجيدون كتابة الإملاء ، بينما يتقنون كل أصناف وألوان التجريح والتشبيح ، وأحيانا " الإبتزاز " ، حتى ضد بعضهم البعض ، وأرجو من الزملاء الذين يغضبهم هذا الكلام أن يخلوا الطابق مستورا ، ففي النقابة ملفات وجلسات تأديب يعرفها معظم الزملاء ، وأنا هنا أتحدث عن هم عام ولم أسم حتى الآن لا زيدا ولا عبيدا ، وما قلت ما قلت ، إلا لعلمي أنه ما من أحد يجرؤ على فتح ملف بعض الأسبوعيات بكل صراحة ، خوفا من لسانها ، وآثرت أنا شخصيا أن أبق البحصة لعلم جميع الزملاء أنه ليس لي لا ناقة ولا جمل ، ولكن ينتابني قهر على صحافة أعتبر شخصيا محسوبا عليها ، أي أنني أتحدث من داخل البيت ، وما حك جلدك غير ظفرك ، وعلى إدارات وناشري ورؤساء التحرير أن يتداركوا الأمر ، قبل أن يذهب الصالح بعروى الطالح ، خاصة بعد هذا " الخطأ " في معالجة ملف الضرائب الأخير ، والتهديد بالإصطفاف ضد الحكومة مع خصومها ، بل والطلب لقاء الملك يسبب أمر قانوني ، في الوقت الذي تستطيع فيه الأسبوعيات المحتجة اللجوء إلى القضاء الذي طالما تغنت بعدالته ، دون أن يفهم من ذلك أنني أُدافع عن الحكومة التي قلت فيها وسأقول ما لم يقله مالك في الخمر ، وأبو نواس في الولدان .
الصحافة " تجارة " ، والتجارة شطارة كما هومعروف ، وكل من يقول بغير ذلك يضحك على نفسه قبل أن يُضحك الآخرين عليه ، فإذا كانت بعض الصحف لا تجد رواتب موظفيها ، كما يقول البعض ، فمن أين يركب بعضهم السيارات الفارهة ، ومن أين يدفعون أُجور الطباعة ، ولمن لا يعرف أسرار هذه التجارة من متابعي عمون ، فإنني أحب أن أبين أن تكلفة طباعة أي أسبوعية – على الأغلب - تصل إلى ما يقرب من 500 دينار أسبوعيا ، ناهيك عن أجور العاملين وأجور التوزيع وسائر النفقات من أجور المقرات والإتصالات وخدمة الأنترنت وأجور صف وإخراج وغيره وغيراته من النفقات المرئية والمخفية والطارئة ، وكلمة " الطارئة " يعرفها بعضهم من الزملاء ولا أريد الخوض بتفاصيلها ، إذن ، من أين لبعض هذه الصحف مصادر المال التي تضمن الإستمرار ، إلا إذا اضطررنا إلى طرح سؤال لا نحب طرحه ، لكي لا نفتح بابا لا نحب فتحه ، فهل يستطيع أصحاب الصحف ترتيب أمورهم الشخصية بمثل هذا الرغد والتبغدد ، ولا يستطيعون ترتيب أمورهم مع الضريبة ، فيدفعوا للحزينة ما يتوجب عليهم دفعه ، شأنهم شأن الجميع ، أم أن " بعض الأسبوعيات على رأسها ريشة ، فنراها تريد أن تأكل بدون أن " تدفع " لكي لا أقول مفردة أخرى ؟ .
إذا كانت ضريبة المبيعات " الخازوق " الذي أقعدتنا عليه الحكومة بمباركة مجلسي النواب والأعيان هي الخلاف ، فالقضية بسيطة للغاية : يجري جرد الوارد من دخل الإعلانات ومقارنته بالصادر من النفقات ، وتطبيق الرقم الذي يخرج به على مواد وبنود القانون ، فإذا استحق الدخل ضريبة مبيعات وجب على الصحيفة الدفع وهي راضية ومحترمة ، وإذا كان الأمر غير ذلك فكل شيء عند أصحابه ، ولن تتمكن الحكومة من فعل شيء لأن القانون والحالة هذه يكون ضدها ، وفي البلد قضاء ، أما أن يشرق الزملاء ويغربون في التهديد والوعيد ، فإن هذا بصراحة " لا يجوز " ولا أحب أن يصيب أياً منهم ، والبيان الأخير الذي أصدره الصحفيون لم يقنعني، والقضية لا علاقة لها بأبو رمان ولا أبو شعبان ، من حق الخزينة أن تحاسب الجميع ، والأسبوعيات من ضمن هذا الجميع .
هذا الكلام سيغضب الذين لا يعرفونني ، ولن يغضب الآخرين ، فيا أيها الأعزاء : على المرء أن يدور مع الحق حيث دار ، والحق هذه المرة ليس معكم ، وسامحوني ...