اشكالية "ترندات" امتحان الثانوية العامة
فيصل تايه
21-07-2022 09:45 AM
ما حفزني لكتابة هذا المقال ما تتناوله بعض منصات التواصل الاجتماعي الالكترونية الشغوفة بترتيب أولوياتها، او من خلال ما تلتقطه بعض كاميرات الهواتف المحمولة من بث فوري "عاجل"، وما تتناقله وسائط الإعلام التفاعلية المتعددة، تعقيبا على ما نشاهده من ردود أفعال لعينة عشوائية من الطلاب وأولياء أمورهم في لقاءات مباشرة من على بوابات المدارس عقب كل امتحان، فما تحمله تلك اللقاءات من صور تنقل فرحاً او سروراً، او لتوحي بصخبٍ اجتراري وتذمر انفعالي الهدف منه التخبيب والتأليب والتهييج لإطلاق الأحكام الوهمية، لبعض من يرهقون احلام ابنائنا الطلبة بالعبث اليومي، في سعي واضح لتشكيل رأي شعبويّ مؤثر موجه، في اهاجة منكبة من بعض متكسبي الدروس الخصوصية وبعض اصحاب "المنصات الربحية" والمراكز الثقافية "الظليّة" ومدارس "مفرقعات الشهرة" ممن وجدوا انفسهم "محرجين" من طلبتهم امام اسئلة خرجت عن سياقاتهم وتوقعاتهم، "متناسين" ان التقييم الحقيقي للامتحان وجودته يأتي "لكافة طلبة المملكة" بعد انتهاء الاجراءات المتعلقة باستخلاص النتائج وتحليلها بكل دقة ونزاهة، لتظهر وهي تحمل نسب النجاح العامة والفئات المعيارية لها.
انا شخصياً اعتبر هذه "الاكشنات" مادة دسمة لصياغة "تريندات" تفاعلية وعواصف إلكترونية لافته لكسب اكبر عدد ممكن من المشاهدات، والمحيّر في الموضوع ان ذلك يقوم على حساب مؤسسة تربوية سيادية، وعلى حساب ابنائنا الطلبة ما ينتج هالة من الطروحات سعياً لتشكيل رأي شعبويّ مؤثر أمام "الكاميرات المباشرة"، كما ولا تتوانى تلك المنصات في نشر المغالطات، وتقود حملات تستهدف في مضمونها الإساءة للإجراءات الفنية للامتحان، بعيدا عن النقد الموضوعي الدقيق والمنهجية العلمية في الطرح، ناهيك عن إثارتها للقلقِ والتوتُّر لدى ابنائنا الطلبة، في الوقت الذي يجب أن تلتزم فيه تلك الوسائل "الفتية" خاصة في هذه الفترة "تحديداً" بالابتعاد عن الإثارة والسلبيّة، والالتزام بالموضوعيّة والدقة في التغطية، حيث الملفت ان يأتى هذا الصخب، لبث المقابلات المثيرة، وتقوم بالحكم على الامتحان، في تحليل براغماتي يفتقر الى الدقة والموضوعية ولا يستند الى مرجعية تقويمية مدروسة، ولن يختلف البعض عن توجيه اللوم لوزارة التربية وسياستها فى وضع الأسئلة، والاصرار على الدخول في دوّامة التشكيك والتسويف والتلفيق المقصود، والتسويق لتجار مناهج الظل الخصوصية قبل كساد محتويات "دوسياتهم" البديلة للمناهج الدراسية، والتي لطالما حذرنا منها، ما يتسبَّب بتشتيت انتباه الطلبة حيال طريقة الدراسة والتحضير للامتحاناتهم القادمة.
ان الاجراءات المتبعة في التعامل مع ملف "الثانوية العامة" هي اجراءات احترافية توارثها العاملون في وزارة التربية والتعليم على مدى تاريخ هذا الامتحان الوطني، وليس في هذا الصخب المفتعل الذي تقوده جهات متكسبة "معلومة" أى خيط من نسيج ديمقراطية التقويم وعدالته، فهذا الأسلوب التذمري الفض في التعامل مع امتحان الثانوية من قبل "فئات قليلة" بات مكشوفاً، لذلك فان علينا جميعا مسؤولية وطنية وأخلاقية، فلا مكان للأبواق التي تغذي اية نمطية سلوكية هدفها اجتياح منظومة التفكير الجمعي لدى جيل كامل سعينا به لتحصيل المعرفة والبناء الذهني والبدني والنفسي السليم لتعبث بمستقبله، لكن بجميع الاحوال نحن أمام مأزق جمعي يتمثل بالتنمر والتطاول على مؤسسة وطنية عمرها من عمر الاردن، وفي ضوء ذلك لا بد من وقف هذا الصخب اليومي، والذب يعتبر خطيئة فب سداد تعليمنا، وفب جميع الأحوال فإن كل من جد وجد، ولنتذكر قول الحق تبارك وتعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
مع تحياتي