الصور التي يتم نشرها من جسر الملك حسين، والتي تكشف تكدس الآلاف فوق بعضهم بعضا، صور مريعة في هذا الطقس الحار، خصوصا أن هناك سيدات وأطفالا.
أكثر من 155 ألف مسافر فلسطيني، عبروا الجسر الى فلسطين، وتكدس الأعداد سببه موجة السفر غير المسبوقة، التي تأتي بعد طول انقطاع، بسبب تعقيدات كورونا، وموجة السفر تزامنت مع إجازات الصيف، ونهايات المدارس، وعودة المغتربين، وكل هذه الأعداد تتراكم في توقيت واحد، في ظل تعقيدات إسرائيلية، لها علاقة بتفاصيل معينة تزيد من حدة الوضع.
وزير الداخلية زار الجسر، أمس، واطلع بنفسه على الواقع، وهذه الزيارة الميدانية مقدرة له، كوننا نطالب المسؤولين بالقيام بزيارات ميدانية، الى مواقع الأزمات، بدلا من البقاء في المكاتب.
الذي يجري كما يلي، أفواج المسافرين تأتي منذ الفجر، رغم أن الجانب الإسرائيلي يبدأ أعماله عند الساعة الثامنة صباحا، وقد يكون سبب المجيء المبكر، محاولة الخلاص من الأزمات، لكن الذي يحدث العكس؛ أي تكدس كل هذه الأعداد، إضافة الى أن التكدس يزيد بسبب عدم استراحة المسافرين في القاعات المخصصة لهم، وتجمعهم في مواقع ثانية، ورغم أن الباصات المحملة تكون جاهزة منذ السابعة صباحا، إلا أن الجانب الإسرائيلي يرفض فتح الجسر قبل الثامنة، ويرفض التعامل مع أكثر من أربعة آلاف مسافر يوميا، ويقوم بإغلاق الجسر عند الساعة الرابعة عصرا، بما يعني أن عددا كبيرا من الفلسطينيين لن يمروا الى فلسطين، في هذه الظروف.
يتدفق الى الجسر يوميا، أكثر من سبعة آلاف مسافر، فيما الاحتلال لا يقبل بدخول أكثر من أربعة آلاف شخص تقريبا، وهنا لا بد من اتصالات سياسية، من أجل إجبار الإسرائيليين على إدخال كل المسافرين القادمين والمغادرين، وبقاء الجسر مفتوحا حتى آخر مسافر موجود، أو العمل أربعا وعشرين ساعة، مثل كل المطارات والمعابر البرية في العالم، بدلا من هذا المشهد المؤلم على الجسر للمغادرين من الأردن الى فلسطين، والقادمين من فلسطين الى الأردن.
هذا المشهد تبرره سلطات الاحتلال بوجود شركة إسرائيلية تدير عمليات النقل على الجانب الإسرائيلي، وهي لديها ساعات دوام محددة، ومشاكل في عدد العمال، والأجور، والتوظيف، بما يعني تنصل الاحتلال من المشكلة، من الناحية السياسية، وتحويلها الى مشكلة فنية فقط.
الذي سيحدث في الفترة المقبلة، حتى يتم استيعاب المشهد، هو شراء تذاكر بشكل مسبق من عمان للمسافرين، بحيث يتم تحديد موعد وتاريخ وساعة السفر، وضمن عدد محدود يقدر بـ4500 مسافر فقط، على ألا يذهب إلى الجسر إلا حامل هذه التذكرة، وقد يبدأ تطبيق هذه الإجراءات من يوم الأحد المقبل، إلا إذا حدثت اتصالات سياسية من جانب الأردن والجانب الفلسطيني، مع واشنطن، وغيرها، للتدخل لحل هذه المشكلة الإنسانية، التي تعبر أيضا عن وجه من وجوه الاحتلال، الذي يستمتع ربما بإرهاق الناس، وإتعابهم، بذرائع مختلفة.
هذه الأزمة في جوهرها سياسي، حتى وإن بدت فنية، وهذا يفرض تدخلا سياسيا، للتخفيف عن الناس، بكل الوسائل الممكنة، خصوصا أن استمرار هذه الأزمة ينذر بأشهر صيف مرهقة جدا.
العقدة على الجسر إسرائيلية، وليست أردنية، وهي عقدة لا بد من فكها.
(الغد)