رؤية التحديث الاقتصادي الهادفة الى خلق مليون فرصة عمل خلال 10 سنوات، والارتقاء بدخل الفرد بنسبة 3% سنوياً، وجذب تمويلات ب 41 مليار دولار، ورفع تنافسية الأردن ليصبح ضمن اعلى 30%، وزيادة الناتج المحلي ب 28 مليار دينار، رؤية محكمة الاعداد وقد بذل بها جهد يستحق التقدير نأمل لها النجاح من خلال المتابعة الحريصة لرئاسة الوزراء والوحدات التنفيذية في الوزارات ووزارة التخطيط والديوان الملكي الهاشمي والصحافة الوطنية والرأي العام المنتمي.

لكن ما يصعب فهمه هو ما تضمنته من رغبة في تأسيس أحد عشر هيئة جديدة نأمل ان لا تكون مستقلة لتضاف الى عبئنا الذي نعانيه من الحالية، وقد وردت في الرؤية وفق الصيغ التالية: -

جهة مستقلة للمسح الجيولوجي - جهة مختصة بالأمن الغذائي- مركز وطني مختص بأبحاث الامن الغذائي - جهة مختصة في قطاع الصناعات الكيميائية - جهة استراتيجية بقطاع الصناعات الدوائية- جهة موحدة للرقابة على الصناعات الغذائية - جهة معنية بالبيانات العامة في قطاع الاتصالات - تأسيس هيئات تمثيلية او اعادة بناء الموجودة في قطاع الصناعات الإبداعية- تأسيس جهة واحدة مختصة في تنمية الموارد البشرية - تأسيس جهة مختصة باعتماد نظام التعليم الخاص والعام- إطلاق المركز الوطني للابتكار في قطاع المياه.

ارجو ان يكون المقصود خلق هذه الكيانات ضمن وزارات او هيئات قائمة، وان كان الجواب بلا، والحاجة لها ملحة، فلتحل محل بعض الهيئات المستقلة ذات العبء والتي من الممكن الاستغناء عنها، لان مجالس ادارة وادارات تنفيذية جديدة معناها كلف واعاقات ادارية وتفاقم في العجز المالي للموازنة.

من المأمول ان تركز الاجراءات التنفيذية للتحديث الاقتصادي على القطاعات ذات الأولوية وهي التي تزاوج بين الأهم والمهم، فالأهم هو خلق الوظائف، والمهم هو النمو في الناتج المحلي والصادرات. بشكل مفصل اهم القطاعات واجبة الابراز كما اراها:

القطاع الأول: ويشمل المياه وتساهم فقط ب 0.5% في الناتج المحلي الإجمالي وتوظف 6800، والطاقة تساهم ب 1.3% وتوظف 9500 ،وكلاهما من الواضح ضعف مساهمتها في الناتج الإجمالي ويمكن زيادتها من خلال قنوات مبتكرة في الإنتاج، ومن خلال المزيد من التركيز على الصخر الزيتي الذي لم يأخذ حقه في الرؤية، لأنه سيولد دخل ويخلق وظائف تبدأ من الإنتاج مروراً بالنقل والتكرير والتوزيع وهو الاقدر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة ان استخدمت التكنولوجيات الملائمة.

القطاع الثاني: السياحة فيها مجال لزيادة التشغيل لان مساهمتها في الناتج المحلي لا تصل 3% وتشغل 51 ألف ، فتخيلوا الالاف المنضمة لسوق العمل إذا بلغت مساهمتها 6% او 10% مثلاً.


القطاع الثالث: الزراعة والأمن الغذائي، مساهمتها في الناتج المحلي 5% وتوظف حالياً 76 ألف، وهو قطاع أصبح يتصدر أولويات الدول في ظل الحروب والجائحة ،ورفع مساهمته الى الضعف بالاعتماد على التكنولوجيا الحيوية ، تعني توظيف مئات الالاف نأمل ان يكونوا من الأردنيين، وسيلحق بهذا القطاع توظيفاً ومساهمة في الناتج المحلي وفي التصدير قطاع الصناعات الغذائية.

القطاع الرابع: الصناعات الإبداعية وهي المساهم باقل من 2% وتوظف 10 الاف ،وهي مبشرة حيث اصبحنا علامه تجارية للريادة بمواهب متميزة، وهي ناشئة فيها الكثير يعمل.

القطاع الخامس: المحيكات (الملابس) لمساهمتها الطيبة في التشغيل بواقع 76 ألف عامل وهي التي تشكل فقط 8% من كل صناعاتنا، أي لا تصل 1% من اجمالي الناتج المحلي الإجمالي ، وتستحق الرفع من خلال جذب مستثمرين جدد يصدرون للعالم وللسوق الأمريكي الضخم.

القطاع السادس: النقل والخدمات اللوجستية، وقد اكدت عليه قمة جده، وهو المساهم ب 5% ويوظف 17500 عامل، وهو مبشر وبإمكان الأردن التوسع والابداع فيه في ظل موقعه الاستراتيجي والتعطش للمشاريع المرتبطة به كالسكك الحديدية داخلياً وعبر الإقليم.

هذه ملاحظة واضاءة على الرؤية قد نحتاجها عند المراجعة القادمة قبل نهاية العام توضح الأولويات، وفق التوظيف والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي في ظل ارقام البطالة المفزعة، فالقطاعات التي توظف قليلاً رفع ناتجها المحلي يرفع توظيفها، مع الحفاظ على زخم تلك النشيطة المشبعة.