في سفر الحياة الأكبر ودروبه المتعددة هناك نقاط تحول مفصلية في التاريـخ الإنساني.. ويعتبر من إحدى أبرزها دخول الصحافة المكتوبـة على حياة الناس... فالبرغـم من إنتشار الوسائل الإعلامية الحديثة بشتى أنواعها، إلا إن الصحف المطبوعة ما زال لها رونقها وشعبيتها الكبيرة بين الناس... فمنذ خلق الإنسان ولد بداخله الفضول الذي يدفعه للبحث ومعرفة ما يحدث حوله!!.
منذ الوجود الأول للمجتمع البشري أصبح تناقل الأخبار شفوياً يعد جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للأفراد... ولم يقف الإنسان عند هذا الحد، بل بحث عن وسيلة لحفظ ما يقول، فإخترع الكتابة لتبدأ معها مرحلة جديدة، حاول فيها البعض نشر أفكارهم على البردي وتوزيعها منذ القرن الرابع قبل الميلاد!.
لكن أول ما يمكن تشبيهه بالصحافة هو المنشور الذي ولد في الإمبراطورية الرومانية تحت حكم القيصر جوليوس حوالي سنة 60 قبل الميلاد وأطلق عليه إسم «إكتاديورنا» وتعني «أحداث اليوم»، حيث كانت مهمة العاملين فيه آنذاك نسخ أعداد كبيرة لتوزيعها في الأماكن العاملة والمحلات التجارية... وكانت تنتشر بها الأحداث الحربية الهامة وأخبار الزواج والوفاة ومواعيد المسرحيات والأحداث الرياضية.
استمرت الصحافة المكتوبة على شكل منشورات ومطويات بدائية حتى عام 1450 وهو العام الذي ولدت فيه تقنية الطباعة على يد «يوهانس جوتنبرغ» لتحدث بذلك طفرة في مجال المعلومة المكتوبة في أوروبا، فقد فتح هذا الإختراع الطريق أمام إنتشار الصحف بشكل غير مسبوق.
أما نقطة التحول التي حدثت في الوطن العربي فقد دخلت مع الحملة الفرنسية على مصر بحيث إنتقل معها الكثير من الثقافة الغربية الى الثقافة العربية، فنشأت آنذاك صحيفة «التنبيه» التي ساهـم في تحريرها بعض المترجمين العرب... أما أول صحيفة عربية يصدرها عربي فهي جريدة «السلطنـة» التي أنشأها اللبناني «إسكندر شلهوب» في إسطنبول عام 1857 ميلادي... ليتم بعد ذلك تعميم هذه التجربة الإنسانية الخالدة على مستوى الوطن العربي !.
ومع مرور الزمن إزدادت محتويات الصحف تنوعاً، لتحمل ضمن طياتها العديد من الآراء ففتحت بذلك باب الحريات بشتى أشكالها... فالصحافة المكتوبة كانت وما زالت المحرك الأول للحركات التنويرية والديمقراطية التي غيرت وجه العالم... كما وساعدت في حصول الكثير من التغيـر الإيجابـي داخل المجتمعات؛ مما أدى الى صحوة ثقافية كبرى... لذلك يعتبر إنتشار الصحافة المكتوبة أحدى أهم نقاط التحول الحيوي في تاريخ البشرية على مدى العصور!!.
Diana-nimri@hotmail.com
www.diananimri.com
الراي.