بداية كان الأردن وما زال ضحية للجغرافيا السياسية، صحيح أنه يتقلد موقعاً استراتيجياً لكنه منزوع الثروات المهمة وهي اساس الحياة الطاقة والمياه.
أظن أن الاخوين سايكس بيكو، وآلة الاستعمار معهما كانا على علم بالخطوط التي رسمت فاختارا أن يكون الأردن بلا بترول ولا شواطئ وقليل من المياه.
اجتهد فأقول إن الثروات بحسب تقسيم الاستعمار، اختير لها أن تكون في أراض شاسعة قليلة السكان، أما السكان فاختير لهم أن يتواجدوا بكثافة على أراضي شحيحة الثروات وهكذا كان.
لكن لعنة الجغرافيا وضعت الأردن على أطول حدود مع كيان محتل يراد له أن يمسك دائماً بمقعد التفوق., فحُرم الأردن من الوسائل والأدوات.
هذه توطئة كانت لازمة لإطلالة مهمة على البرنامج النووي الأردني في ظل عودة الطاقة لتتصدر المشهد كتحد أساسي يواجه العالم.
نتوقع أن تستأنف ماكينة العمل بالبرنامج النووي الأردني للأغراض السلمية الاقتصادية دورانها مع انها لم تتوقف فقد عملت بقيادة الدكتور خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة الذرية بصمت وثمة تطورات مذهلة جرت طيلة تلك الفترة.
لن نحتاج إلى المرافعات القديمة ضد المشروع خصوصاً بعد التطورات التي يشهدها العالم الذي بدأ العودة الى هذا المصدر من الطاقة.
ليس سراً أن الأردن تلقى عروضاً كثيرة للمساعدة في تنفيذ هذا البرنامج، لكن كانت الشروط مجحفة مثل حرمانه من حقوق التخصيب، وإسرائيل لا تريد للأردن ولا لأي من الدول العربية أن تحصل على طاقة نووية، ونحن هنا لا نحشر أنف إسرائيل في قضية يصبغ معارضوها على أنفسهم صبغة وطنية، لكننا نتابع من تحت الأضواء كيف تلاحق إسرائيل البرنامج النووي وتتابع تطوراته من عاصمة لأخرى كانت آخرها موسكو، وتضغط لأن تعرقل ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، لكن ما يغيظها أكثر ليس بناء المشروع ولا شرائه بل بناء جيل من العلماء والخبراء الأردنيين الذي? بدأنا نفقدهم في لعبة الاستقطابات الدولية.
لن نكرر بديهيات تقول إن الطاقة من أبرز التحديات التي تواجه الأردن خلال السنوات المقبلة، فبينما ينمو الطلب على الطاقة مع كلفتها الباهظة تبرز الحاجة إلى توفير مصادر ذاتية تقلل من الاعتماد على الاستيراد بنسبة 100% فحسب الدراسات يقدر نمو الطلب على الطاقة بـ 3% سنويا بينما سيصل النمو إلى 6% سنويا في استهلاك الطاقة الكهربائية بشكل خاص, وللاستدلال على نسب استحواذ كلفة الطاقة من الاقتصاد يجدر أن نذكر أن كلفة الطاقة المستوردة تجاوزت ملياري دينار تقريبا وبنسبة تجاوزت 20% من الناتج المحلي الإجمالي.
المشروع النووي ليس بديلاً لأي مصدر من مصادر الطاقة، بل هو جزء من خليط وتنوع اكتشف الأردن متأخرا أن اعتماده على مصدر واحد كان مجازفة ذات نتائج كارثية وهو ما حصل.
الطاقة النووية خيار سيضعنا في مركز تفاوضي قوي لمزيد من الدعم.
(الراي)