ها هي الجامعة على أعتاب مرحلة جديدة، وها هو أحد خريجيها يتسلم رئاستها، وها هو حلمه الجميل يتحقق لمواصلة البناء والعطاء، ولكي يسجل للجامعة كما سجل في ماض قريب أنّها لم تصمت وراء أسوارها، بل سوف تسعى إلى تعديل مسارها وحضورها باعتبارها على حد رأيه العقل الجاد المنظم والقلب النابض بالشباب والوجدان، القادر على الإحساس بالناس، أقول هذا وأنا أتذكر الدكتور الكركي وهو يحترق حباً وشوقاً وفكراً في الماضي والحاضر نحو جامعته الأردنية، أقول ذلك وأنا أفكر وأتأمل برنامجه في كيفية الاستمرار والبناء على ما تم وأنجز، وقبل الحديث عن برنامجه أتمنى على المتابعين والمعلقين والمهتمين أن يتريثوا قبل إطلاق الأحكام إيجاباً أم سلباً،لأن الإصلاح الجامعي مسألة غاية في الدقة ومعادلة تشترك فيها جهات عديدة داخل الجامعة وخارجها، وتحتاج إلى تمويل وهدم وبناء وترميم وقرارات صعبة، والدكتور الكركي يعرف ويبصر ويطل على المشهد برؤية واضحة فقد خبر الجامعة منذ أمد بعيد ،وطالما حدثنا عن حلمه أن تكون الجامعة في طليعة الجامعات العالمية ،وتقوم خطته على أساس أن تنهض الجامعة بدورها الأكاديمي بهمة الرجال والعلماء والطلبة للوصول إلى تنافسية أكاديمية عالمية في تخصصاتها العلمية والبحثية كافة.


وحين نتوقف عند هذه المرحلة نشير إلى حجم الإنجاز الذي تم في الجامعة لا يستطيع أحد يزعزعه أو ينال منه، ولا تستطيع تلك الآراء السلبية التي تخفي أسماءها أن تخفي هذا الإنجاز أو تذر الرماد في العيون، وهذا النقد السلبي الذي نطالعه على بعض المواقع الالكترونية وإن كان صحيّاً إلا أنّه تنقصه الجرأة والصراحة والحوار الموضوعي، وأساس أي حوار أن يكون المحاور معروفاً، ومن لا يذكر اسمه حين يطرح رأياً ناجزاً فإن طرحه يخسر، وبالتالي لا يقنع أحداً ، ولذلك، حين ندقق في بيت الوطن وعباءته ونقطة تحوله وارتكازه الجامعة الأردنية نجدها تجتهد وتخطط وتفتح أشرعتها على الاتجاهات كلها، ومن حقها أن تردم سنوات السكون بحركة فاعلة يحتاجها العصر، وعصرنا يرفض الروتين والأمر الواقع، بل يحتاج إلى معايير وقيم ومبادئ تتحرك إلى الأمام، وتأخذ بالاعتبار أنّ الأجيال الجديدة لا تقبل الاستنساخ والتلقين وأدوات الحوار البالية، والدكتور الكركي يمتلك أداوته الجادة، ورؤيته الواضحة وخطته المرسومة، وقد خبرناه لا يهادن ولا يعرف أنصاف الحلول ولا يقبل السكون والجمود، ويرفض تهميش محور الجامعة وعمودها الطلبة، ويقبل التحدي، ومن حقه أن يتحرك بخطته بأريحية في محوري الطلبة والبحث العلمي، إذ يمثلان أساس الارتقاء والنهوض بالجامعة، والطلبة يحتاجون إلى عقول مفتوحة وقلوب نظيفة وآراء سديدة وخطط مدروسة، وهو ما أكده حين أشار إلى سياسة الانفتاح والتسامح مع شغب الطلبة الجميل، ويحتاج هذا القطاع إلى اهتمام من القاعدة الأكاديمية حتى رأس هرمها، من الأساتذة والإدارات الجامعية، بحيث يخصص الأساتذة جزءا من محاضراتهم لإعادة بناء طالب المستقبل والأخذ به إلى الصواب والحوار والمناظرة وثقافة الحوار والعلم والبحث العلمي الرصين، وتأكيد قيمته وأهميته ونزع فتيل الأزمة من داخله، وإلى عمادات تفتح أبوابها وعقولها وتخرج من أبراجها ونرجسيتها، وإلى عقول تعرف معنى العمل الطلابي وتقدر أنشطته وترفض الروتين والتكرار، وموظفين مؤهلين يتمتعون بكفاية معرفية وثقافية وشفافية عالية، ومجتمع جامعي تسوده الروح الجامعية والمنطق، وطلبة يعرفون رسالة جامعتهم ومصلحة وطنهم وأنفسهم، وبحث علمي يحتاج إلى انطلاقة جديدة أساسها التنافسية والدقة والإبداع والموضوعية، وباحثين يخلصون لبحوثهم ورسالتهم العلمية، وأنظمة مرنة تؤسس لمرحلة جديدة وأجواء مريحة تدفع بالباحثين إلى الإنتاج والابتكار، ومجلاّت علمية تصدر بانتظام ولا تهدد بالإغلاق، وفتح الآفاق العالمية أمام الأساتذة والباحثين لكي يتعرفوا على أساليب علمية جديدة تحقق التفرد والتميز والإبداع، نحن أمام مرحلة جديدة طموحه تحتاج همّة الجميع؛ أساتذة وطلبة.

mohamadq2002@yahoo.com