الانزال والتسلق الجبليّ .. منتج جديد في السياحة الحديثة
عبدالرحيم العرجان
17-07-2022 11:45 AM
استجد في عالم السياحة منتج جديد ضمن عالم المغامرة والاستكشاف وهو "الانزال والتسلق الجبليّ"؛ وهي نوع من أنواع الرياضة التي تحتاج إلى تدريب وممارسة، والمحافظة على اللياقة، ومتابعة كل جديد في عالم التقنيات المختص بهذه الرياضة، ومدارسها المتجددة في نشاطاتها.
تجربتنا الأخيرة كانت مع مختص متمرس في هذا المجال، والتدريب على عدة مقاطع صخرية معتمدة من الهواة والمحترفين في منطقة الفحيص بارتفاعات مختلفة، حيث يتدرب عليها المتدربين على مقاطع ما بين المائل والمستقيم العامودي، إضافة إلى أنه يتم تدريبهم على معرفة كيفية التعامل مع الفراغ المجوف..بعد شرح طويل عن سلسة طويلة من قواعد السلامة المتبعة بكيفية التثبيت وأنواع العقد، والحزام الحامل، وأربطة الأمان التي يقوم بها المختص مع وجوب ارتداء الخوذة والحذاء المناسب.
بدأ المدرب بكسر الحواجز وتأهيلنا لهذه التجربة نفسياً والتي ترفع من الإدرنالين إلى أعلى مستوياته، والسيطرةِ على التوازن والحركة والتحكم بسرعة الانزال، وكيفية التعامل مع كل مقطع وكأنك تمشي على الأرض، ولكنك معلق بالهواء بحبل متين عالي الجودة، كما تعتمد الحركة على التوافق العضلي العصبي؛ فاليد اليمنى هي المتحكمة في السرعة، أما اليسرى فهي للتوازن والتثبيت، ولا بد من ارتداء قفازات لتخفيف الحرارة والاحتكاك بين اليد والحبل، فكامل وزنك معلق على الحبل ما بين حلقة حزام الأمان ونقطة التثبيت العلوية، وما بعدها حر الوزن، لأنه من الواجب أن تكون المسافة بين القدمين مساوية لعرض الكتفين لتحقيق التوازن مع استقامتهما بشكل يباعد الجسم عن الصخر؛ وذلك لضمان عدم الإصابة، وسهولة مشاهدة موضعهما للخطوة القادمة للارتكاز على الحواف والنتوئات الصخرية الثابتة على أن تهبط على كلوة القدم بسلاسة لامتصاص الحركة، وليس الكاعب أو الانزلاق على الأجزاء الملساء التي صقلها الريح والمطر، وإن حدث هناك أي خطأ أو انزلاق فالمعاون الممسك بالحبل بالأسفل، والذي يقوم بتوجيهك هو من يوقفه من خلال شده للحبل حتى تقل السرعة أو الوصول لوضع الإيقاف التام لاعطائك كامل الوقت في إعادة التوازن ومراجعة خطواتك أو يقوم بالتحكم التام لإيصالك لبر الأمان.
ولهذا النشاط الجامع بين الرياضة والسياحة مدارسه واتحاداته التي يرأسها الاتحاد الدولي لرياضة التسلق في فرانكفورت ((IFSC، إضافةً لمسابقاته الدولية المتعارف عليها والتي يعد أشهرها؛ كأس العالم وبطولة العالم للشباب، ويعمل المشاركين على الإعداد لها لفترات، وعمل تدريبات طويلة للظفر بالفوز واكتشاف عوالم جديدة مجهولة، حيث يحرص عشاقها على التعرف على أماكن غير مطروقة والخوض بتحديات بعيدةٍ عن التهور والمجازفة حارصين كل الحرص على قواعدها ومبادئها وأُسُسها المتبعة.
وما يشاهده صاحب هذه الهواية وما ينقله من صور تثير الدهشة والاستغراب لأماكن ليس من السهل الوصول إليها إن لم يكن هو أول من قام بذلك ضمن طبيعة تتسم البنقاء البيئي والتي تثير الدهشة والذهول، فدوماً المشهد من القمة كلياً يختلف عن الطريق ببطن الوادي، وهذا ما لمسناه عندما صعدنا جبل بردى والهش والونان بوادي رم.
أما صخرة الفحيص المخصصة للتدريب فقد استقطبت للتمرين الكثير من أبناء الوطن ومقيميه من مختلف الجنسيات لهذه الغاية، حيث غرسوا فيها عدد من نقاط التثبيت المعدنية؛ لتعليم مواضع الارتكاز والمراسي، وهناك الكثير من الجبال والأودية الجاذبة لهذه الرياضة بمنطقة البحر الميت والطفيلة والكرك والمثلث الذهبي، كما تم انشاء عدد من المخيمات السياحية كنقاط انزال متعارف عليها، بالذات في عجلون وجرش، وبجهود ذاتية وصل كثير من شباب الوطن الطموحين إلى مستويات احترافية متقدمة بعيداً عن الدعم، وندرة من تلقى ذلك لبلوغ أعالي قمم العالم لرفع رايتنا الهاشمية واكتشاف المجهول بين أرجاء بلدنا الغالي، الزاخر بمكنونات الجمال وآسر الطبيعة، ولكثرة عشاقها افتتح عدد من المتاجر المتخصصة ببيع مستلزماتها وأدواتها الاحترافية باهظة الثمن، ويجدر أن تعمل وزارة السياحة والآثار جاهدة على وضع سنٍ قانونيّ وتعليمات منظمة لهذا القطاع، بلجان جامعة من أصحاب الاختصاص من القطاعين العام والخاص والاستئناس بآراء أصحاب الخبرة، وفي عام 2015م تم اعتماد والاعتراف بها لتكون ضمن الألعاب الأولمبية، حيث أن ميشيل جابريل وجاك بالمات استطاعا الوصول لقمة هوراس عام 1786م وبذلك يكونا من أوائل من وضع قواعد لها، أما ماريا باراديس فقد كانت أول إمرأة وصلت لنفس القمة عام 1808م فيما نجح آدموند هيلاري ببلوغ قمة إيفيرست عام 1953م أعلى قمم العالم، وتعد من الرياضات المعززة للصحة لتنشيط الدورة الدموية وتزيد من صلابة العظام وتقوية العضلات، وبذلك ترفع من قدرة الجسم على التحمل، وتهذب النفس على التركيز والصبر والإدارة بكيفية تحقيق الهدف بروح الفريق والشجاعة، وكما قال الأديب إبراهيم نصر الله "في كل إنسان قمة عليه أن يصعدها وإلا بقى في القاع مهما صعد من قمم".