عندما تطبق العمليات الحسابية الاربعة على نفس الرقم، الضرب (التكرار) والقسمة والجمع والطرح، تعطى الاولوية بالحساب للضرب والقسمة اولاً، ثم الجمع والطرح، وبجميع الحالات لا تكون النتيجة رقما سالبا او صفرا، بل رقما موجبا، اقل بقليل من حاصل الضرب او اكبر منه، وذلك لسيادة عملية الضرب (التكرار الايجابي) قيمةً وأولوية، والتي تمنع الوصول بالنتيجة النهائية للصفر او للسالب او حتى للحدود الدنيا من النتائج. جواب المسألة 9x9-9+9÷9 هو ٧٣، واذا تبدلت مواقع الجمع والطرح ستكون ٨٩، فهي قيمة اقل من ٨١ حاصل نتيجة التكرار او اكبر منها، فالطرح والجمع لا يؤثران كثيرا بازاحتها عن قيمة تكرارها الذاتي.
في الحياة؛ تؤثر على ذات الانسان عمليات الظروف كلها، منها ما يرفعه للقمم ومنها ما يهبطه للقيعان، نفسيا ومادياً، فلو طبقنا مدلول معادلة الرياضيات اعلاه على الانسان، لوجدنا الفوز لصالح التكرار دوما، الاضافات والطروحات والتقسيم للذات لن تؤثر على مخرجاته اذا كان رصيده التكراري لذاته عالياً، فكيف نضاعف قيمة انفسنا مرات ومرات؟
ورد التكرار بالقرآن كثيرا؛ ففي مجال الذكر والتسبيح استحب الاكثار والتكرار، فقال تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)، وقال ايضا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، وجعلت الصلوات خمساً، والصيام ثلاثيناً، والطواف والسعي والرجم سبعاً سبعاً. وفي مجال العلم؛ تكرر الدروس والتجارب مرات ومرات، وفي مجال الحروب تغلب الكثرةُ الشجاعة، وفي مجال الخلق، الكثرة تحمي من الانقراض، وفي المجرات شموس وكواكب، وفي الانظمة العاملة بدائل وازدواجية، اذا تعطل الرئيسي منها اشتغل الاحتياط، وللقائد مساعد، وللمدير نائب، وللاسرة أب وأم، والمال يقوى بالجمع والكنز والتجارة، ولكل منظومة يراد لها الديمومة تكرار خاص بها.
أما للنفس الواحدة الواحدة، فتكرارها بالثقة فيها، وحفظها من الانحطاط، وتقويتها بالاصدقاء والمحبين من أمثالها، وابعاد كل ما ينغصها عنها، سواء كان اشخاصاً سلبيين او مواقف لا يفترض ان تزج بها، وكما يقول الشاعر؛ صنت نفسي كما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبس، فهي واحدة لا تتكرر بذاتها لتدوم سليمة غير ناقصة، بل تقوى بابعاد عمليات الحت والتعرية عنها لتبقى كما وجدت، سليمة قوية شامخة تتجدد كلما اعترتها ظروف الحياة ومنغصات العيش.
خلاصة القول؛ تتكرر النفوس بالتجديد، فتقوى وتولد من جديد، وتكون قوية امام كل خطر محتمل، فلا تنكسر، ولا تخضع، ولا تنهزم، ولا تستسلم، بل تتكرر بذاتها وبخلانها لتساوي ضعف غيرها اذا صبرت وتكافلت ولم تضعف؛ قال تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
من مقالات - الاوهام تقتل.